الجماهير تريد حقوقها الإنسانية، واستعادة كرامة وعزة وطنها المستلبة من قبل الطامعين والتابعين والحاكمين بأمر الفساد، والذين يرفعون رايات الطائفية لتضليل واستعباد العباد.
الجماهير ووفقا للأصول والضوابط الديمقراطية تظاهرت معبرة عن عدم قناعتها بما يحصل في البلاد، وتؤشر على مواضع الوجيع المقيم والفساد المستطير الذي تناهب ثروات الوطن وأفقر المواطنين وتسبب لهم بالعناء المرير الاشتداد.
الجماهير خرجت تريد حاضرا أفضل، وحكومة وطنية تحترم الوطن والإنسان، وتقدم له الخدمات الأساسية الضرورية للحياة الحرة الكريمة، كباقي بشر الدنيا المعاصر.
الجماهير تريد حقوقها المشروعة، وما طالبت بما هو غير مشروع من الحقوق، وانطلقت مسيرات مطالباتها، وتعالت نداءاتها، وانتشرت شعاراتها الوطنية الإنسانية، والعالم يرى ويسمع ويراقب عن قرب وبعد، وخصوصا الدول الديمقراطية التي تؤمن بحقوق الإنسان.
والحكومة بما لديها من فصائل مسلحة وقوى أخرى، واجهت التظاهرات بوحشية وقسوة غير مبررة، تسببت بقتل أكثر من تسعين مواطن خلال بضعة أيام وجرح أكثر من ألفين وخمسمئة، وقبلها أضعاف هذا العدد، ولا تزال الوحشية السافرة قائمة ودول الديمقراطية وحقوق الإنسان، في صمت مريب، وإغفال عجيب، وكأن الذين يتساقطون ليسوا بشرا وإنما أرقاما وحسب.
ولو تظاهر الصينيون وقتل بضعة أشخاص منهم لزعزعت الدنيا منابر إعلام الدول الديمقراطية، أما الذي يجري في العراق فكأنه لا يعنها أبدا!!
فلماذا هذا الصمت الغريب؟!
يبدو أن الديمقراطية في بلد نفطي تعني حرية القبض على أعناق آبار النفط، وما دام هذا الهدف متحققا فلا غيره يعنيها، بل أن كل ما يساهم في إحكام القبضة يتم تعزيزه ومساندته وحمايته. ولكي تقبض على أعناق آبار النفط عليك بمساندة الفساد وبناء نظام حكم فاسد، فتتمتع بحرية استحواذية كاملة على النفط.
كما يجب أن توظف تجار الدين لتبرير الفقر والحرمان وتسويغه بجنات نعيم موعودة، تتناسب درجات الفوز بها بمقدار شدة المعاناة التي يقاسيها الناس المغلوبين على أمرهم. وأي مطالبة بالحقوق من قبل المواطنين يجب أن تُقابل بالحديد والنار، لأنها تتقاطع مع برامج ومشاريع السيطرة التامة على النفط والتحكم بوارداته.
ولهذا فإن الدول الديمقراطية القابضة على النفط وأعوانها من الدول الإقليمية، هي التي تساند الحكومة بالتصدي الوحشي للمواطنين، وهي التي تعطيها الضوء الأخضر للقيام بذلك، لأنه يؤمّن مصالحها وأطماعها النفطية. والبعض يرى أن في هذا السلوك دفع إلى منزلق تلقي الضربة القاضية، وإدانة الهدف بجريمته وبأنه قد أضل سبيله، وعليه لعنة الجماهير والناس أجمعين، في بلاده والعالمين.
وإن صح هذا الاستنتاج فإن الحكومة الفاسدة ستمعن بفسادها وتوحشها وقسوتها على المواطنين، ولن تأبه وسائل الإعلام لما تقوم به، وكذلك الحكومات التي لن ولن تدينها على استخدام القوة المفرطة ضد الأبرياء، ولن تقف ضدها بحزم ومسؤولية. فما دامت قبضتها على النفط قوية، فما يجري في البلاد شأن داخلي لا غير، ولا يجوز التدخل به، ولتقتل الحكومة مئات الآلاف من مواطنيها فهذا شأنها الخاص، فهي حكومة منتخبة بآلية ديمقراطية، وعليها أن تتصرف وفقا لما تراه مناسبا وضروريا.
وتلك حقيقة موجعة، فالنفط هو الحاكم والسلطان، وعند آباره ألف خبر وخبر يقين!!
فإلى أين المسير؟!!
واقرأ أيضاً:
لن ينتصر الشر إذا انتصر الأشرار!! / سيشرق العراق!! / أنا الشعب...أنا الشعب / الوطن العراق!!