الفصل التاسع عشر
لنتكلم عن كيفية فتح نوافذك على أبنائك من أجل أن تكون علاقة بينك وبينهم وتستطيع أن تنفتح عليهم بشكل جيد فانظر إلى هذه الوصفة:
ناقش أبناءك بهدوء.. واترك الفرصة لهم لكي يعبروا عن آرائهم بكل وضوح.
اجعل أبناءك يشعرون بمشاعر الصداقة أثناء حوارك معهم حتى يفتحوا لك عقولهم وقلوبهم.
كن حريصا على أن تأخذ آراءهم فيما يعن لك من مسائل، وتذكر أن هذا يساهم في تنمية آفاقهم ويمنحهم الشعور بالثقة.
ابتسم أثناء الحوار مع أبنائك فهذا يجعلهم يشعرون بالأمان في حوارك معهم ولا يتخذون موقفا من هذا الحوار.
لا تستهن بما لدى أبنائك من خبرات ومعلومات وتذكر أنهم أدرى بطبيعة سنهم وطريقة تفكيرهم.
تذكر أن الثقة فيك نبتة في قلوبهم، دعها تأخذ حظها من النمو ولا تستعجل غرسها فيقتعلونها من صدورهم.
تذكر أن الأوامر المباشرة تقطع الحوار وتجرده من مضمونه؛ فلا تلجأ إليها إلا عند الضرورة.
كن قدوة لأبنائك في تعليمهم الآداب السلوكية والمهارات الحوارية من حسن الإصغاء والحديث الهادئ ومراعاة الأوقات المناسبة للحديث.
تعرف على المنطقة التي يمكن لأبنائك اتخاذ القرارات فيها ودعهم يتعاملون معها بالطريقة التي تروق لهم.
اسمح لأبنائك بخوض التجارب واتخاذ القرارات ولا تتدخل في كل تصرفاتهم حتى لا تضيق النوافذ بينك وبينهم.
لا تعش فقط دور الأستاذ أثناء الحوار، ولكن أعطهم وخذ منهم، ولا تتعجل نصحك لهم بطريق مباشر حتى لا يملونه.
هذه مجموعة من النصائح التي تجعل دائرة علاقاتنا بأولادنا تتسع أو تضيق حسب اتباعنا لها من عدمه، أولادنا سيحدثوننا عن مشاكلهم وطموحاتهم، أما إذا أقمنا السدود من عدم الحوار بيننا وبينهم فسنجد أولادنا يعيشون معنا في مكان واحد ولكن بشخصيات وعقول خارجة عن إطار الغرفة التي نجلس فيها معا الآن.
ونصيحتي للآباء أن توجد مساحة مفتوحة من الود بيننا وبين أبنائنا، وفي وقت ما سنرى أبناءنا بصورة جيدة.
أترك ابنك يكون كما يريد هو لا كما تريد أنت، دعه يكون نسيجاً وحده، وتميزك ونجاحك في أن يكون أبناؤك في صورة غير التي أنت عليها وأن يكونوا امتداداً من بعدك، وإلا فنحن قد فشلنا في مد المجتمع بالشخصيات المتميزة.
احترام الذات وتقديرها
كنت في حوالي السابعة من عمري، وكنت أموت خوفا من الذهاب إلى المعسكر الصيفي، فلم أكن قد ابتعدت عن المنزل أبداً، كما أنني لا أعرف التلاميذ الآخرين الذين سيركبون الأتوبيس ويرافقونني، نظر أبي إليً فوجدني أقف هناك وأنا في غاية التوتر، فأخرجني من الصف وانتحى بي جانبا وقال لي: "أنظر إلى هذا الولد الصغير هناك؟"؛ كان تلميذا أصغر مني بعام تقريبا وأصغر حجما منا جميعا، قال لي أبي: إنه يبدو خائفا جداً، أعتقد أنه يمكنك أن تساعده إذا حاولت أن تصادقه كي تساعده على تجاوز هذا الخوف، ربما بأن تجلس إلى جواره في الأتوبيس، أليس كذلك يا بني؟!، كان لهذا مفعول السحر معي وكأنني قد تناولت مهدئا، أتذكر بوضوح أن الخوف قد زال عني تماما، وعندما ذهبت إلى هذا التلميذ وحاولت أن أهدئه وأزيل عنه توتره، زال عني توتري أنا أيضا.
أطفالنا والقيم:
الطفل نواة المجتمع ومستقبله، يزيدنا تعلقا به حاجته إلينا، وتُعتبَر مرحلة الطفولة من أهم مراحل الطفولة من أهم مراحل النمو وأكثرها أثراً في حياة الإنسان فمرحلة الطفولة هي مرحلة تكوينية للفرد يتم فيها نموه الجسمي والعقلي والانفعالي والاجتماعي، وتؤثر هذه المرحلة تأثيراً عميقاً في حياة الشخص المستقبلية، وتظهر خلال هذه الفترة أهم القدرات والمؤهلات وترسم الخطوط الكبرى لما سيكون عليه الطفل في المستقبل.
وأطفالنا في حاجة إلي تكوين شخصياتهم وتنميتها وتقويم أخلاقهم وإكسابهم العادات الصالحة والسلوكيات المهذبة، وتربية الأطفال لا تقف عند تعليمهم وإنما تمتد إلي تربية خلقهم، وتوفير الصفاء في نفوسهم وتنظيم العادات الطيبة فيهم، وترسم الطريق لتكوين الإنسان الصالح الذي ينفع دينه ووطنه ونفسه.
والاعتماد علي تعميق القيم الدينية الأصيلة في نفوس الأطفال منذ الصغر وتعويد الطفل علي احترام دينه واكتسابه الإيمان بالله وبالقيم والمبادئ لهم الأثر الأكبر في إصلاح شئون مجتمعنا.
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كنت خلف النبي (صلي الله عليه وسلم) يوما فقال: يا غلام إني أعلمك كلمات: أحفظ الله يحفظك، أحفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت علي أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعونك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا علي أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك، رُفِعت الأقلام و جفت الصحف.
ويحدد لنا الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه – التربية المستقبلية للأطفال المسلمين حين يقول: "علموا بنيكم أخلاقا غير أخلاقكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم".
والقيم لا تكتسب إلا عن طريق الممارسة، وبها يكتسب الطفل قيم الصدق والتعاون والأمانة والجمال ففي ذلك ضمان لمساعدة المجتمع في التغلب علي ما قد يوجد فيه من صراعات مستقبلية أو تناقضات في القيم.
ولقد ارتبطت القيم بمفهوم ديني وأصبحت تظهر قيم الأشياء بقدر ما تبعدنا عن الشر وتقربنا من الخير وأحكام الدين أصبحت هي الفصل في قبح الأشياء وجمالها أو ضررها شرها أو خيرها.
ومن بعض القيم التي يجب أن تتفق عليها الأسرة في ممارستها وأنشطتها لكي تغرس في نفوس أطفالنا والتي من الممكن أن يكون لها أثر إيجابي بالغ في خلق دوافع طيبة تساعد علي تنمية مجتمعنا بشكل عام هي:
1- الانتماء: إن حب الوطن دون عصبية وغرس الرغبة في تنميته وتطويره والشعور بالاعتزاز للانتماء إليه يجب أن يُعادَ غرسه في وجدان الطفل.
2- التعاون: إن تحقيق النجاح لن يكون إلا عن طريق الجماعة، وليس عن طريق الفرد منفردا وهذا أمر واجب التأكيد عليه لأنه حتى لو حدث نجاح فردي فإنه يكون وقتيا ولا بد من توصيل النجاح عن طريق الجماعة؛ وذلك كي نخفف من روح المنافسة الشديدة التي قد تضر المجتمع بأكمله.
3- الاعتماد علي النفس: والاعتماد على النفس قيمة يحتاج إليها المجتمع ولابد من غرسها في نفوس الأطفال حيث أن الاعتماد علي الغير لتحقيق ما يصبو إليه الإنسان أمر لم يعد له مكان في مجتمعنا اليوم.
4- احترام العمل: إن قيمة العمل بما فيها العمل اليدوي، والنظر إلى العمل اليدوي على أنه طريق التقدم، وهذه القيم والمفاهيم يجب أن تغرس في نفوس الأطفال منذ الصغر.
5- حب البيئة والمحافظة علي البيئة التي حولنا وحب الخضرة والنظافة والجمال هم من القيم الجدير غرسها في نفوس أطفالنا اليوم.
يتبع >>>>>>>>>>> آداب تعامل الابن مع الوالدين