الفصل التاسع عشر
لا نود أن نقلل من دور المشاكل التي يسببها الطلاق ولكن تأثير أساليب التربية المختلفة وقوانين المنزل على الطفل العنيد لا يعد بالضرورة أحد هذه المشاكل.
من الطبيعي أن يكون شيئا ضارا ومؤذيا ما يسمعه الطفل من أن أحد الوالدين يتحدث بسوء عن الطرف الآخر، وهذا الموقف يحدث عادة بعد الطلاق، يعتبر الطفل نفسه خليطا من الأب والأم؛ فإذا تحدث أحد الطرفين عن الآخر بسوء فإن الطفل يأخذ الأمر وكأنه مسألة شخصية ويشعر الطفل أن هذا الطرف يتحدث عن جزء منه!!.
وبهذا يصبح من المقبول لزوجة مطلقة أن تقول لطفلها إنها لا تقبل الفلسفة التربوية التي وضعها الزوج، وعلى الطفل أن يلتزم بالقوانين المنظمة لمنزل أحد الوالدين، والمختلفة عن القوانين المنظمة للمنزل الآخر.
يستطيع الأطفال أن يتأقلموا ببساطة مع أكثر من أسلوب تربوي، وكثير من الأطفال يفعلون ذلك مرات متعددة في اليوم الواحد وهم في المدرسة؛ فالأطفال مع مدرس الرياضيات المتساهل في حصة الحساب يشبهون الضباع الثائرة، ولكن عندما يدق الجرس وينتقلون إلى مدرس الإنجليزية الأكثر صرامة يتحولون إلى فتيات مهذبات ورجال نبلاء!.
وحالة عائلة "سالم" مثال آخر لذلك عندما تم طلاق الزوجين تركت السيدة "فدوى" ابنها "علاء"، والذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات ينام في فراشها، لقد شعرت بعقدة الذنب لما حدث من طلاق، ولما مر بالطفل من أحداث، وأن "علاء" في حاجة إلى الطمأنينة كي يستطيع أن ينام وخاصة أن والده ليس في المنزل، ولكن عندما مكث "علاء" في بيت والده أصر على أن ينام الطفل في سريره الخاص به، وفي كل ليلة كان هناك صراع في منزل الأب، الطفل يصرخ ويقول: إن أمي لا تجبرني على النوم في سريري، إنني أكرهك يا أبي، إنك متوحش، وبعد أسابيع تعلم "علاء" أن يؤقلم نفسه على القواعد المختلفة، وأخيرا تقبل حقيقة أنه يجب أن ينام في سريره في منزل والده.
من الواضح أن وجود أساليب وقواعد مختلفة لا يخلق مشاكل طويلة المدى بطريقة تلقائية، ومن الواضح أيضا أنه كلما زاد التناسق بين الطرفين كلما كان ذلك أفضل، ولكننا لا نريدك أن تعتقد أن ذلك أمر إلزامي تماما أو إجباري لكلا الطرفين ليكونا نسخة من بعضهما.
حامل الرسالة
ثمة موضوع آخر يؤثر على طفل -والديه منفصلين بالطلاق- ويؤدي به إلى العناد والتحدي، وهو استغلال الوالدان للطفل كحامل للرسائل بينهما؛ فهما يستخدمانه كرسول لأنهما لا يرغبان في التواصل أو الاتصال مباشرة مع بعضهما البعض أو عن طريق الهاتف!!!.
وأحيانا يستخدم أحد الوالدين أو كليهما الطفل كجاسوس على الطرف الآخر!!؛ فقد تختبر الأم الطفل لتعرف كيفية الحالة العاطفية لزوجها السابق أو إذا ما كانت له علاقة جديدة مع امرأة أخرى، أو يحاول الأب أن يكتشف شكل الشريك الجديد للأم أو الحالة التي عليها خطيبها الجديد، وعندما يتم استخدام الأطفال بهذه الطريقة يزداد الضغط بداخلهم ويتمردون على كلا الوالدين بسبب وضعهم في دور المراسل أو الجاسوس، وبدلا من الانفجار الفوري قد يستغل الطفل الفرصة في كونه رسولا ويضع ادعاءات باطلة غير صحيحة ضد كل منهما كوسيلة للحصول على فائدة لنفسه؛ وعلى سبيل المثال يقول الطفل: "تقول أمي أنك أخذت كل أموالنا، ويجب عليك أن تشترى بنطلونا جينزا جديدا لي لأن أمي لا تمتلك نقودا"، أو يقول والدي: "إنه لا يجب علي أن أطيعك لأنك لا تتحملين المسئولية وأنك خائنة!!".
لذا نحذر ونقول: إذا وقعت مشاكل مع الطرف الآخر فرجاء إبعاد الطفل عن دور المراسل أو دور المراقب أو الجاسوس، وإذا كان الاتصال المباشر أو الاتصال بالهاتف غير ممكن أو غير ناجح فيجب إيجاد وسائل اتصال أخرى مثل الفاكس أو البريد الإلكتروني أو عن طريق طرف ثالث (وسيط أو صديق موثوق به أو المحامين)، وإننا نحث المنفصلين أن يفصلا الأمور العاطفية بعيدا عن القضايا التربوية والأبوية.
إذا كان الطفل منزعجا بشأن الطلاق فلا بد أن يقال للطفل: إن غضب أحد الوالدين قضية منفصلة نناقشها فيما بعد، ولكن القضية الآن ما يحدث في هذه اللحظة، ولذلك إذا غضب الطفل لأنك ترفض شراء لعبة البلاي ستيشن الجديدة، واتهمك بأنك تبخل في الإنفاق عليه، فقل له: "إنك سوف تتحدث عن مسأله الطلاق والانفصال عن أمه في وقت آخر، وعند هذه النقطة يجب أن تركز على حاجته إلى شيء آخر أهم يحتاجه الطفل في هذه المرحلة وفي هذا الوقت، وميزانيتك كوالد لا تسمح بشراء كليهما معا".
يتبع >>>>>>>>>>> خطر آباء وأمهات ديزني