نهر الحياة الدفّاق يكنز الطاقات والقدرات اللازمة لصناعة الحياة الأبهى والأفضل، وكلّما تواصل جريانه تفتّقت أمواجه عمّا هو جديد ومتوافق مع مقتضيات المكان والزمان، ووفقا لإرادة الدوران الفاعلة في الموجودات، وواقع مجتمعاتنا يشير بوضوح إلى أن قدرات الأجيال المعاصرة ذات توثبات حضارية متوائمة مع جوهر الأمة، وما تحتويه من كينونات ذات تطلّعات مُطلّقة ومؤثرة في مسيرات التفاعل الخلقي فوق التراب، وهي وإن نامت أو هجعت لبضعة قرون فإنها قد توطنها نداء "أكون" وتخمّر في دنياها وتعتق وتبلغ ذروة القدرة التعبيرية عن محتواها وجوهر مُناها.
يبدو أن القرن الحالي هو الأوان المناسب لتبرعم وانبثاق الطاقات الحضارية الكامنة في مجتمعاتنا، والتي توفّرَ لها جيل بحجمها ومُتفاعل معها برؤية مِقدامة وإرادة عزومة واثقة صادقة مؤمنة بأنها ستكون وتتجسد وتتفتّح صيروراتها الخلاقة في ميادين الحياة المتنوعة.
وشباب الأمة المتحفز الثائر الكانز للطاقات والراعي للتطلّعات على أُهبة الجد والاجتهاد، والعمل المثابر لصناعة فجر المسيرة الجديدة المتوهجة بالأفكار والقدرات العملية اللّازمة لصناعة حاضر ُمشرق ومستقبل مُنوّر بالانطلاقات الأصيلة المُعبّرة عن ذات الأمة ومعانيها الإنسانية السامية، وهذا يعني أن الغد سيكون أفضل والحاضر مشحوناً بالصراعات اللازمة للولادة الحضارية العظيمة الكفيلة بالوصول إلى مُنتهى الوعي الإدراكي والتفاعل الإبداعي مع مُعطيات الأكوان المُتأهّبة لتأكيد رسائلها الابتكارية المُجسدة لكُنّة العلم وجوهر الفكرة.
ويعني أيضاً أن الأجيال المعاصرة تختصر إرادة الأجيال التي مضت وتكثّفها وتمنحها طاقات تؤهّلها للتحقق والتفتح والانبثاق المُتسامق الفتّان، فهي قد جمعت خلاصة ما توصلت إليه العقول البشرية من قدرات تفعيل الأفكار وتخليقها وتحويلها إلى موجودات مادية فاعلة فوق التراب.
وبهذا تكون أهليتها فائقة للأخذ بأفكار الأجيال وتصنيعها في مختبرات "أكون" التي تعمل بدأب وانطلاق نحو غدها المُضيئ بالعطاء الوهّاج السبّاق نحو آفاق انتقالات نوعية في حياة البشرية، فما في أعماق الأجيال كنوز مطمورة تحت أكداس الاضطرابات والتّداعيات والانكسارات التي تؤجلها ولا تنهيها.
فعلينا أن نتفاءل ونكون من الصادقين مع أنفسنا وأجيالنا المعاصرة، التي تحمل رايات هويّتنا ومعاني وجودنا ورايات ما فينا من التطلعات المُنوّرة بأضواء السماء الروحية والفكرية والأخلاقية.
وإن القادم أجمل!!
5\2\2020
واقرأ أيضاً:
الجهل والفقر المُقدسان وأحزابٌ الأديان!! / الاستخراد / الآنيّة / الفرصة الحضارية