كُنّا كذا وأصبحنا كذا!!
كُنّا أمةٌ فأصبحنا كومة!!
كنا متقدمين فأصبحنا آخر المتأخرين!!
كنا وكنا وفي حاضرنا لن نكون!!
هذه آلية اقترابنا من ذاتنا وموضوعنا، تتكرر في أيامنا وتتدفق الرسائل بصورها ومقالاتها، تتحدث عن كنا وتتباهى وتتفاخر وتتحسر وتتنكر لآليات نكون.
هكذا نفكر والأجيال تدور في طاحونة "كان" وكأن الذي كان مُنتهى ما يمكنه أن يكون، ولا يمكن بلوغه لأنه مع الأيام بعقودها وقرونها قد اكتسب قُدسيّة كاذبة وخيالية سائبة جعلت منه أشبه بالتصورات الفانتازية التي لا تلامس الواقع.
ورموزٌ كانو كأنهم ليسوا من البشر، وما قاموا به هو من أعمال الآلهة العظام والفتوحات الجسام، وإن القول بغير التعظيم والتفخيم والتقديس لهم يُعدّ كفراً واعتداءً على حُرمات وأيقونات تتشبث بها الأجيال إلى حد الجنون، فهمُ المطلق الأصدق والحق الأعمق و"كان" عبارة عن هالة قدسية وروح سماوية وهوية سرابية تطاردها الأجيال الغاطسة بأوحال الخيبات والإنكسارات والإنتكاسات المتراكمة.
إنها حالة الحياة في دوامة بهتانية تفتك بالأجيال ولا تأخذهم إلى مسارات واقعية ذات قيمة عملية وإنجازية.
فهل لنا أن نتفكر بواقعنا الذي نحن فيه بدلاً من الانغماس في مُستنقعات القهقري؟!! وهل هي العِظامية المدججة بالقنوط والجمود والتحنط والتصمل والخمود؟!!
و"إن الفتى مَن قال ها أنا ذا...ليس الفتى من قال كان أبي"!!
14\2\2020
واقرأ أيضاً:
التفاؤلية وإرادة الحياة / الدول الأبيّة والدول السَبيّة / سلوك العمامة والنفس اللوّامة / الطُغْوانيّة