لغا الشيء : بَطَلَ
ما هو سلبي يطغى ويسود في أرجاء الواقع العربي، فالكتابات والخطابات والأشعار والأغاني والأفلام والمسرحيات والتمثيليات والأخبار والصور والرسائل والأحاديث كلها تتميز بسلبية عالية وتُلغى فيها الإيجابية حتى تصل إلى حد الانعدام التام، والرسالة الكامنة فيها، أن الواقع العربي ميؤوس منه، فهو مُدمّر ومُخرّب ولا يمكن إصلاحه، وعلى العرب الاستسلام والخنوع والتبعية والضياع لأنهم لا يمتلكون الأهلية لصناعة الحياة ويسعون إلى الموت الذي يقدمه لهم أعداؤهم على طبق من الدماء والبارود المعبأ بالمذهبيات والطائفيات والرموز المصنعة المقنعة بالقدسية والألوهية.
وواقع الحال لا يتفق والسلبية المبثوثة المستولية على وسائل الإعلام والاتصال، ويبدو أنها مدروسة ومقصودة وتمضي وفقاً لبرمجة سلوكية دقيقة وذات أهداف مرسومة وخطط معلومة وقعت ضحيتها عن دراية أو جهل وسائل الإعلام في دول الأمة كافة.
وعلى شبكات التواصل الاجتماعي ينتشر ما هو سلبي ومهين للأمة ومُسفّه لحاضرها ومستقبلها ويُروّج لهذه الرسائل والمخاطبات أبناء الأمة الذين تستثير عواطفهم الصور والكلمات وآليات إخراج الخبر وأساليب بثه وتسويقه لكي يتحقق استلاب إرادتهم وتشويش وعيهم وبرمجة أدمغتهم لتأهيلهم للقيام بأدوار تحقيق أهداف الطامعين بهم.
والعجيب في الأمر أن المحطات التلفازية العربية تعج بالمسلسلات والمسرحيات والتمثيليات والمشاهد السلبية المدمرة التأثير في النفوس والعقول، والداعية لبناء السلوك التخريبي المناهض للحياة، وتتساءل أين الرقابة؟ وأين الفن والرسالة في هذه النشاطات التي يسمونها فنية؟ بل إن الأغاني أخذت تجنح للسلبية والقهرية وتدمير الذات وتحويل العربي إلى رقم بلا قيمة ومعنى ودور.
ولا ننسى أساليب تخدير الأحاسيس وتمويت الضمائر بتكرار المشاهد الفجائعية، حتى صار قتل العربي بالجملة لا يعني شيئاً، وإنما هي أرقام تتداولها نشرات الأخبار في منافذها المتنوعة، والمتلقي يحسب العرب ليسوا من البشر وإنما هم أرقام وبيوتهم ومدنهم أكوام حجارة لا غير. وهذا يفسر أحياناً التجاهل للتظاهرات المطالبة بالحقوق الإنسانية، فالعالم لا يعنيه كم من الأبرياء يقتلون، ويحسب الأمر داخلياً ولا شأن له به ما دامت المصالح مؤمنة.
ووفقا لمناهج الديمقراطية الغادرةإ فإن حرية الخراب والدمار هي التي تليق بالعرب، وعليه فإن فهمهم للديمقراطية الوافدة إليهم يُملي عليهم ما يحصدونه وينجزونه وفقاً لما فيهم من الرؤى والتصورات المسكونة بالتبعية والخضوع للذي يُسيّرهم إلى حيث الهلاك اللذيذ.
فهل لنا أن نعيد النظر بما نتداوله من رسائل وأخبار ونحترم الإنسان ونؤمن بأن له قيمة ودور في الحياة؟!!
17\2\2020
واقرأ أيضاً:
المصطلحات والإنجازات / عواءٌ حول الكراسي