نوبات الهلع هي نوع خاص من القلق يصيب حوالي 3-5% من الناس وتكون عبارة عن حالة من الخوف المفاجئ والشعور بصعوبة في التنفس مع ضربات قلب سريعة وتنميل في الأطراف وشعور الشخص وكأنه في حالة احتضار أو "طلوع الروح" كما يقول المرضى، فكأنها على حد قولهم "بروفة موت"، وقد يشعر المريض (أو المريضة) بسخونة أو برودة في الجسم وتعرق ورجفة، أو بما يشبه الماس الكهربائي يصعد من القدم إلى الرأس، أو يشعر بأنه قد يفقد السيطرة على نفسه أو قد يفقد عقله أو توازنه أو أنه قد تغير أو الدنيا من حوله تغيرت، مع آلام في الصدر، وهنا يجري إلى أقرب طبيب أو مستشفى وتجرى له الفحوصات على القلب والصدر ويطمئنه الأطباء بأنه بصحة جيدة ويعطونه عقارا مهدئا فيشعر بالراحة ويعود لحالته الطبيعية، ولكن الحالة تعاوده مرة بعد مرة دون سبب واضح ويعاود المريض زيارة الأطباء والدخول في دوامات الفحوص والعلاجات المختلفة، وفي النهاية يتبين أنه يعاني من حالة نفسية تسمى اضطراب الهلع.
وبسبب هذه النوبات المزعجة للمريض نجده يتجنب السفر على الطرق السريعة وقد يتجنب الخروج أو يتجنب الدخول وسط الزحام أو التواجد في الأماكن المفتوحة أو الخالية لأنه يتوقع أن تداهمه النوبة في أي لحظة ويريد أن يكون قريبا من الرعاية الطبية، ولهذا تتوقف الكثير من نشاطاته، ويشعر بأنه مهدد بالموت المفاجئ في أي لحظة وتسيطر عليه فكرة الموت ليلا ونهارا وربما يدخل في حالة اكتئاب نتيجة سيطرة فكرة الموت عليه.
وكرد فعل لهذه الحالة نرى كثيرا من المصابين بهذا الاضطرابات يبدأون مراجعة كثير من سلوكياتهم وقد يتوقفون عن سلوكيات سلبية ويبدأون في التقرب إلى الله والاستغفار عما فات، وربما يكون هذا مفيدا لهم إذا لم يعوقهم الاكتئاب والخوف الشديد عن بدء صفحة جديدة من حياتهم. والبعض الآخر قد يواجه هذه الحالة بتعاطي مسكرات أو مخدرات أو مهدئات.
وهذه الحالة تحدث نتيجة خلل في بعض الناقلات العصبية واضطراب في بعض مراكز المخ خاصة تلك التي تتصل بنشاط الجهاز العصبي اللاإرادي، وقد يسبق هذه الحالة أحداث موت مفاجئ لأشخاص مقربين من المريض، أو يكون قد تعرض لضغوط متعددة.
ويعالج المريض بمضادات القلق والاكتئاب، إضافة إلى العلاج المعرفي السلوكي، وتدريبات الاسترخاء.
ويحتاج المريض لإعادة صياغة أفكاره ومعتقداته عن الحياة وعن الموت وعن الصحة وعن المرض، وأن يعيد النظر في سلوكياته وعاداته حتى يصل إلى حالة من الاستقرار والثبات النفسي لأن هذه الحالة هي أشبه بزلزال نفسي شديد.
ولا ننسى العلاج الرباني في قوله تعالى : "إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ..... إلى آخر الآيات ...سورة المعارج... "، والتي تشكل في مجموعها صفات إنسانية راسخة تعطي مناعة ضد هزات الحياة واضطرابات النفس.
واقرأ أيضًا:
وبات الهلع عند المرأة / قلق المرض / يوم الطبيب