الطاعون مرض ينتقل عبر الهواء وقد رافق البشرية منذ الأزل وقتل منها الملايين تلو الملايين في موجات إبادة جماعية لا تُبقي ولا تذر. وكانت البشرية تتّقي شرّه بعدم الدخول إلى الأماكن التي يجتاحها، فتتركها لأشهر وأعوام ثم تعود إليها بعد أن مات أهلها وخمد طاعونها.
ويبدو أن ما نُسّميه بكورونا فايروس هو نوع من الطاعون الذي يجتاح الأرض ولا يمكن حصره في مكان واحد لشدة التواصل والانتقال ما بين أبناء الأرض، وهذا يعني أنه سيتمكن من نسبة كبيرة من البشر وسيتواصل في تناميه وتعاظُم تأثيره على الناس في أصقاع المعمورة مما سيجعلها غير آمنة ولا يمكن الفرار من الإصابة بالمرض الذي يحطم الجهاز التنفسي ويقضي على البشر.
فالطاعون في القرن الرابع عشر قد قضى على نسبة كبيرة ما بين الثلثين والثلاثة أرباع من سكان القارة الأوربية، ومضى يفتك بالمجتمعات بين آونة وأخرى، ومصدره الفئران وأخواتها من المخلوقات التي تكون ناقلة له، وكان للسفن دورها في هذا الانتشار المُرّوع بين الناس.
ولا يمكن القول بأن الأرض قد خلت من الطاعون مهما توهمنا، لكن السلوكيات الوقائية قد تحسنت وقلّلت من فرص الإصابة بالأمراض الوبائية كالطاعون.
وربما يمكن القول بأن البشرية أمام موجة طاعونية شديدة قد تقضي على نسبة كبيرة منها، وإن صحّ هذا التقدير فإن العقد الحالي سيشهد تداعيات مريرة وتفاعلات موتية غير مسبوقة لأن قوة الوباء لا بد لها أن تتفوق على قدرات البشر الاحترازية والعلاجية. أي أن المايكروب أياً كان قد اكتسب قدرات إصابة قوية ذات تأثير خطير على المخلوق الذي استوطنه وتمكن منه، وكلما ازداد قوة تسبب بتداعيات متنوعة على الحياة، ويأتي في مقدمتها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي ستستنهض آليات الغاب الكامنة فينا وستدفعنا إلى ردود أفعال انعكاسية مُحمّلة بنتائج فادحة..
فهل البشرية على شفا الوعيد؟؟
أم أن الصين قد منحتنا الأمل بالانتصار على الكورونا؟؟
واقرأ أيضاً:
أعداء العربية يُبدعون بعدوانيتهم / الحكم الفتّاك والعذر الأفّاك / لماذا تكثُر الأخطاء اللغوية؟