"سنتقدم عندما نبني مدارس ابتدائية تُضاهي قصورنا"
المدرسة الابتدائية جوهر التقدم والرقاء لأنها تهتم بالمستقبل وترعاه وترسمه في لوحة الأجيال المتحركة المتوثبة نحو الأمل والرجاء، والمجتمعات المتقدمة تكون مدارسها الابتدائية متطورة وراقية، وتهتم بها أيّما اهتمام لأنها حواضُن المستقبل والحياة المتجددة.
ويمكن تقدير مدى تقدم المجتمعات بالنظر إلى عمارة مدارسها الابتدائية، فإذا كانت باهية ذات عمران جميل فإنها متقدمة والعكس صحيح. فلكي تتقدم عليك بالاهتمام الأكبر بالنشأ الجديد وأن ترعاه وتوفر له الظروف النفسية والمادية والمعرفية الكفيلة بتحقيق انتقالة نوعية في مسيرة البلاد والعباد.
ومن الأسباب المُهمّة في تأخر واضطراب مجتمعاتنا، هو إهمال المدارس الابتدائية وعدم العناية بها، وبعضها لا يصلح زرائب للحيوانات في المجتمعات المتقدمة مما يعني أن الجيل الذي يتعلم فيها سينشأ مُحطّماً نفسياً وسلوكياً ويشعر بالدونية ويميل للتبعية ويأكله الحرمان وتفترسُه المقاساة ويصاب بعلل متنوعة تساهم في تعويقه أخلاقياً وقيمياً، وبهذا يتم إعداد أجيال مناهضة لحاضرها ومستقبلها وتكنز نزعات انتقام ونقمة على الحياة.
وعندما يتم إقران المعاني والقيم السامية العظيمة بهكذا مواقع تعليمية محتقرة ومهانة فإن هذه المشاعر ستكون ذات صلة بتلك القيم، فتفقد معانيها ودلالاتها وتبدو أشبه بالنكتة أو أنها وسائل للضحك على العقول، وبهذا نكون قد أوجدنا مَن يناهضها ويسعى للنّيل منها لأنها قد أقرنت بما يعاكسها.
وتجدنا اليوم في مجتمعات مهضومة مقهورة نفسياً ومادياً وروحياً وتحت ضغوطات التبعية ومصادرة العقول والعمل بموجب آليات بائدة تحسب البشر قطيعاً أو أرقاماً، وما فيها من أنظمة وقوانين تميل إلى الإهانة والتّنديد بوجود الناس وتضعهم أمام خيار أهون الشرين.
إن القول بالتقدم لا يصح ولا يحقق إنجازاً إذا تغافلت أنظمة الحكم عن العناية بالمدارس الابتدائية والاهتمام الكبير ببناياتها وجمالها وصفوفها ومقاعدها وأثاثها ووسائل التعليم فيها بما يتوافق ومقتضيات العصر وتفاعلاته المتجددة.
فلكي نتقدم ونبني مستقبلاً معاصراً علينا بالنظر إلى بنايات مدارسنا الإبتدائية والتي عليها أن تكون ذات طراز عمراني متناسق في جميع ربوع البلاد من القرية إلى المدينة، فلا فرق بين بناياتها أياً كان موقعها. وبهذا نصون الأجيال ونزودها بذخائر الرقاء والنماء والقدرة على التحدي والبقاء.
فهل سترعوي أنظمة الحكم وترى بعيون الحياة؟!!
2\3\2020
واقرأ أيضاً:
الهلع العَوْلمي / الانتصار على كورونا / الهواء يقتُلنا