الانعكاس المأساوي للواقع على مرايا الورق يفترسنا ويُحيلنا إلى عصفٍ مأكول، فعندما نتساءل عن أحوالنا نكتشف أن الرميم هو العنوان والانهزام ديدن والانتكاس السلوكي فاعلٌ في أرجاء وعينا الجمعي وقائمٌ في ذاتنا التي لا نتعب من تكسيرها كأنها أغصان يابسة متساقطة من أيكة الوجود الوارفة الاخضرار.
نعم إننا نتكسر على السطور ونتهشم فوق الصفحات ونتناثر على واجهات الأيام بإرادتنا المُتلّذذة بقهرنا وعذاباتنا ونزيفنا الحضاري الدفّاق الذي لا يعرف الانقطاع، فنحن نسكب كل أصيل فينا ونطعمه لتراب الضياع والفناء والنسيان، وأقلامنا ترتكب الجرائم البشعة فتُسوّغ الآثام والخطايا وتشجعنا على الموت العجائبي الذي يترنّم بالألحان الفجائعية المؤدْيَنة، فما أروعنا في الرثاء والتّشكّي المستطير والهجاء الانتقامي العدواني المبيد، وعندما نأتي إلى ميادين الأفعال والأعمال تجدنا بلا مداد، فدواة وجودنا حلّ بها الجفاف وأقلامنا تكسّرت ووجمنا خائفين مرعوبين من مواجهة إرادة الحياة والعمل بموجبها لصناعة الحاضر والمستقبل.
وهذا الرعب الذي يفترسنا يدفعنا إلى الاندحار في الذي كان، فنضفي عليه سرابات أمانينا وأوهام تطلعاتنا، وواحدنا بالون عظيم الحجم مؤهّل للانفجار المدوّي حالما تلمسه فوهة قلم مُدبّبة تريد أن توقظه من طوباوية ما فيه.
وتلك مرايا الانتكاس والنكوص التي علينا أن نحطمها ونكون بذاتِ آننا المستقيد، فهل نحن حقا نريد؟!!
واقرأ أيضاً:
اليدري يدري والمايدري!! / الثقافة أخلاق ما بقيت / الرحمة والقوة الروحية!!