الحياة إرادة واعية وطاقة تتوثب للقوة والاقتدار والنماء والرقاء والبقاء المتين الواعد بالمستجدات المتصاخبة المتواصلة التفاعل مع معطيات مكانها وزمانها والمتواشجة مع آليات الدوران الفاعلة في الكينونة الكونية بأسرها.
الحياة فعلٌ مضارعٌ يفيد الحاضر والمستقبل، ولا تعترف بالفعل الماضي التام أو الناقص، إنها نبض أكون ونكون وتنأى عن كانَ لأنها تُقيّدها وتضع أمام خطواتها العثرات.
والذين يُعبّرون عن الحياة عليهم أن يكتبوا بمدادها، ويطعموا أقلامهم من دواة نكون وأكون، ولا يحق لها أن ترشف من مستنقعات كان. فالمطلوب من أقلامنا بأنواعها أن تكتب بثقة وتفاؤل وإيمان بالكينونة الحضارية الرائعة التي تمثل حقيقة الأمة بمكوّناتها ومخزونها الحضاري المديد. ومن واجب الأقلام أن تُراجع مناهج تفكيرها ورؤاها وتتحرر من قيود الانكسار والانهزام والانتكاس والانهدام وتعزيز مشاعر الدونية والتبعية وفقدان القيمة والدور.
فقد تعوّدت أقلام أعلام الأمة العزف على أوتار الأنين، فعندما حصل الذي حصل في عام 1967 انطلقت في أدبيات النكسة والهزيمة، وما تحدثت عن خسارة معركة أو حرب، وإنما أبدعت وعلى مدى عقود في كتابات سلبية تحكمت بالأجيال فحَجّمت دورهم وتفاعلاتهم مع الحياة.
فلم تتعامل الأقلام مع ما حصل مثلما تعاملت ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، فما تكلم المثقفون والمفكرون عن النكسة بل واجهوا مصيرهم بقوة وتحدي وانتصروا على واقعهم وما أصابهم من تلك الحرب الشعواء، وتحقق تجاوز المحنة في بضعة عقود.
بينما واقعنا العربي لا يزال بارعاً في الكتابات النواحية والتأبينية الرثائية الفتاكة الداعية للقنوط وجلد الذات والتباكي على الماضي والأطلال. فما يحكم تفكيرنا هو الرثاء، أي أننا رثائيون ولا نمتلك القدرة التنويرية والتحفيزية المتحدية المقدامة الطالعة نحو آفاق مشرقة وهدف واضح نريد.
وعليه فالمطلوب من الأقلام أن تغيّر مناهج كتاباتها واقتراباتها وترتقي إلى مَقام الحياة وتكون نبضها الدفاق وقلبها البثّاق لصناعة حاضر ومستقبل فيّاض بالإشراق!!
فهل أن النهر يجري وأقلامنا العثرات؟!!
واقرأ أيضاً:
حرب على حرب!! كورونا / فضيحة كورونا!! / كورونا بين الحَرْب والكَرْب!!