لكي تُدمّر أمةً وشعباً وتقضي على حالة مُتكوّنة عبر الأجيال عليك بتنمية أسباب فنائها فيها لتأكلها كما تفعل الأُرضة بالأشجار فتؤهلها للسقوط عند أول هبّة ريح. وهذه الآلية التدميرية معروفة عبر العصور وتستخدمتها القوى الصاعدة للقضاء على القوى المنافسة لصعودها وبسط هيمنتها.
وتتضمن العديد من العناصر والآليات الكفيلة بتحطيم الهدف من داخله كالعملاء والجواسيس والخونة والتابعين والخانعين والقادرين على تدمير وجود مجتمعاتهم، خصوصاً القادة الحزبيين والدينين ورؤساء القبائل والعشائر ومَن له تأثير في حياة الناس، لأن استخدامهم يكون أقل كُلفة من غيره من العوامل والآفات اللازمة للقضاء على وجود أمة وشعب.
وفي مجتمعاتنا يتم الاعتماد على الرموز الدينية والسياسية والحزبية والعشائرية لتمرير الخطط وتأمين المصالح والوصول إلى الأهداف بأقل الخسائر والتكاليف. ويأتي في مقدمة العناصر المُسخّرة للتدمير الرموز الدينية خصوصاً عندما تكون قليلة تجربة ومعرفة وذات اندفاعية وانفعالية عالية، وتكون وسيلة مهمة وناجحة حينما تلتف حولها الأتباع بعمياوية وسذاجة منقطعة النظير.
ويقوم الرمز بتحشيد أتباعه للنيل من مجتمعه ومرتكزات دينه بما يقوم به من سلوكيات متناقضة مع أبسط معايير الدين الذي يدّعي تمثيله، ويكون محكوماً بإرادة الآخرين الذين يُوجّهونه نحو أهدافهم بأساليب مُعقّدة تنطلي عليه لقلة نباهته ومحدودية ثقافته ووعيه، ويحوطونه بمن يوهمونه بأنه الذي يدري وما يقوله هو الحق المطلق، بل والبعض يعصمه من الخطأ ويُؤلّهُه ويحوله إلى وثن وفي هذا تكمن مخاطر تدمير الشعوب والمجتمعات لأن ما سيقوله الرمز يمثل القول الفصل والفعل الذي يكون وفقاً لإرادة ربّانية أو إلهية.
فالرمز يمكنه أن يُسمي ويوّصف وأتباعه يندفعون نحو المُسمّى والموصَّف ويفعلون به ما يشاؤون من العدوان ويتوهمون أنهم ينفذون قول الذي يتبعون والذي يتقربون به زلفى إلى ربهم الذي لا يعرفون.
إن انهماك الرموز بأنواعها في إطلاق التسميات السلبية والتوصيفات التي تجرد الموصوف من إنسانيته وآدميته وتوجهه النبيل تتسبب بتداعيات خطيرة وتدفع نحو سلوكيات دموية ما بين أبناء المجتمع وتؤدي إلى خسائر مروعة. ولابد من الوعي الوطني الإنساني الذي عليه أن يزعزع وعي التابعين الساذجين ويكسبهم إلى صف المواطنين ويخرجهم من مرابع التبعية والخنوع التي هم فيها يرتعون صمٌ بكمٌ لا يفقهون.
أي أن المواجهة الحقيقية مع الرموز المُضلّلة المستعملة ضد ذاتها ومضوعها يكون بكسب التابعين لها إلى صفوف المواطنين، وبهذا يجدون أنفسهم على مقابر بهتانهم لوحدهم ينعقون.
فهل سينتصر الإنسان الذي فينا على الشيطان الذي فيهم؟!!
14\2\2020
واقرأ أيضاً:
الأطباء والقلم!! / المناخ وما أناخ!!