ملخص الحكاية من الختام إلى البداية يمكنه أن يكون في بضعة سطور تغنيك عن ألف رواية ورواية. فالعالم الغربي أرعبته دولة بني عثمان على مدى قرون متواصلة تجاوزت الأربعة، فقررت دوله المتحالفة أن لا تسمح بمثلها.
وما أن تمخضت الحرب العالمية الأولى عن انتصارها عليها حتى نشبت مخالبها وأنيابها في لحمها وشحمها وعظمها، وأمسكتها بقبضتها الحديدية. وساهم في انتصارهم العرب الملعوب بأمرهم والمضحوك عليهم من قبل أعدائهم الذين استخدموهم للنيل من الدولة العثمانية، وبعد أن غنموا الغنيمة رموا العرب بالذل والشتيمة، ومزقوا ثورتهم الكبرى ونفوا قائدها وعبثوا بأولاده وأحفاده، ومزقوا بلاد العرب إلى أجزاء سموها دولاً وأوطاناً وممالك وإمارات، وذلك بمعاهدة سايكس بيكو المعروفة التي كشفتها الثورة الروسية ولولاها لبقيت في طي الكتمان.
وبهذا التقسيم أو التمزيق كانوا يهدفون لمنع قيام دولة ذات إرادة وقدرة على التوحيد والاعتصام بحبل الله والوقوف بقوة أمامهم، ولهذا تم العمل على تحريم التعاون العربي الإيراني والعربي التركي والإيراني التركي والعربي العربي خوفاً من ولادة دولة ذات شأن، فالمنطقة غنية بالثروات والقدرات والطاقات الهائلة التي لا يمكن الوقوف أمامها، ومما فعلوه أقاموا دولة في قلبها للنيل منها واستنزاف طاقاتها.
وفي واقع الأمر قد أخطؤوا وما عرف العرب الاستثمار بالخطأ، وإنما راحوا يتصرفون بأساليب غير ذكية تسببت في مزيد من الفرقة والشقاق والتعادي ما بين الدول العربية التي صارت اثنين وعشرين دولة، وكان من الممكن أن تؤسس لقوة اتحادية ذات تأثيرات عاصفة في الدنيا، لكن العرب أغفلوا الفرصة واستلطفوا الغصة.
وبما أن الدين هو الخطر الماثل أمام الأعين فلا بد من استخدامه للنيل من الوجود العربي، وبهذا أنشئت الأحزاب المسماة دينية وغايتها الانقضاض على الوجود الوطني والعربي في كل مكان وتشويه الدين وتنفير العرب وغيرهم من الدين حتى يولد جيل معادي للدين، وهذا ما يحصل منذ بداية القرن الحادي والعشرين.
وكما هو معروف فقد ازدحم القرن العشرون بعشرات الأحزاب المتنوعة الأهداف والشعارات وما قدمت ما هو نافع، وإنما خرّبت ودمرت وقتلت وأمعنت بسلوكيات الفرقة والعداء ما بين أبناء الوطن الواحد، ومضت على سكة التناحر والصراع والنيل من أبناء الوطن وتحطيم وجودهم المعنوي والمادي.
واليوم تعيش الأمة العربية والمسلمة في زمن الفوضى الخلاقة المبرمجة الهادفة لتمزيق كل ممزق وتفريق كل مفرق حتى يتحول الوجود العربي إلى شذر مذر، والكيان برمته إلى هباء منثور وعصف مأكول وبجهود العرب أنفسهم وبطاقات المسلمين الذين صاروا من ألد أعداء دينهم، والطامعون فيهم يتفرجون على ويلاتهم الجسام وما يدور في بلدانهم من آليات ثبور وحطام.
وهذه هي خلاصة التلخيص في مسيرة العرب ما بين حيص وفيص.
واقرأ أيضاً:
تخافت التهافت!! / يا كورونا ما اتعظنا!! / التفكير فريضة كُبرى!!