ذات يوم كنت أتجول في شوارع طوكيو اليابانية، وفي زحمة الناس استرعى انتباهي انتفاء القبلات في شوارعها فسألت صديقي الياباني قائلاً: لم ألحظ شابا يُقبّل شابّة في شوارعكم المكتظة بالناس!! فحدجني مندهشاً وقال: التقبيل في الأماكن العامة مُستهْجَن وليس من ثقافة المجتمع، إنهم يقبّلون بعضهم ولكن ليس أمام أعين الناس.
حضرت هذه الملاحظة في زمن الكورونا الذي ألغى القبلات وجعل الناس تخشى من بعضها حتى بين المتزوجين والعاشقين المُتيّمين ببعضهم فخلت شوارع المجتمعات المتقدمة والغربية خصوصاً من القبلات!!
الكورونا تحدّت الحب والعواطف البشرية وأرغمت الناس على الانغماس في وحدتهم وأملت عليهم تحسبات وتخوفات لم تخطر على بالهم من قبل.
البشر شرّ على البشر!!
البشر يُميتُ البشر!!
القبلة تقتلنا!!
الحبّ في خطر!!
الشفاه متعطشة، القلوب متلهفة، الأبدان متشوقة، القبلات ممنوعة، فكيف يتواصل البشر المغموس بالقبلات وما بعدها؟
الوجوه مندهشة، النظرات متحيرة، الكلمات مُلثّمة، الوجوه مُكمّمة، التخاطب بالعيون يسود، والحال كما كان ربما يعود أو لا يعود!!
في زمن الإيدز قالت إحداهن وكان الحديث عن الحب "إذا رغبت بالحب أمارسه وليكن ما يكن"!!
قال لها أحدهم: ربما يعني إصابتكِ بالإيدز!!
قالت: "عليَّ أن أعيش اللحظة"!!
وما يدور في المجتمعات التي تعلمت الحرية وممارسة الحياة إلى أقصاها: أن مبدأ "أعيش لحظتي" ربما سيسود مما يعني أن عدد الضحايا سيتنامى، لكنها الحياة التي لا يمكن أن توضع في صندوق، والناس تريد ممارسة الحياة، وسيكون الموت أحد مفرداتها العادية وكأننا عدنا مئات السنين إلى الوراء حيث الموت الرفيق الأقرب للبشر الذي يشعر بالسعادة لأنه استيقظ من نومه بعافية وسلامة.
فهل سيأخذنا الكورونا إلى عوالم العصور الخاليات؟!!
واقرأ أيضاً:
العقل الفاعل والعاطل!! / قتلُ الأعلام من الإظلام!! / المسلم يقتل المسلم ولو كَرِهَ المسلمون!!