نمطية التفكير الفاعلة في واقعنا الثقافي والفكري تنطلق من التحليل والتفسير، وتظن أن مهمة المثقف والمفكر أن يقوم بذلك وحسب.
وبسبب هذه الآلية السائدة لم يتمكن المفكرون والمثقفون من تحريك المجتمع ورفد الأجيال بما يعينها على التفاعل الإنجازي مع حاضرها ومستقبلها.
ومعظمهم يربطون ما يحصل في الواقع بما جرى منذ قرون وقرون، ولا يقدمون ما يساهم في وضع الأسس المعاصرة لرؤية ذات قيمة مؤثرة في صناعة الحاضر واستحضار المستقبل.
فماذا يقدّم التحليل للأجيال وبماذا سينفعهم التفسير؟
المطلوب تقديم رؤية عملية ذات قدرات إنجازية واضحة ومحسوبة بدقة وصرامة تمضي على هديها الأجيال متطلعةً للوصول إلى ترجمة طاقاتها وقدراتها بما يؤكد مسيرتها وانطلاقها في أروقة مكانها وزمانها.
فهل لدى المفكرين والمثقفين رؤية؟
الواقع يشير إلى حالة فقدان الرؤية التي تعيشها الأمة وكأنها ناضبة العقول، خاوية الإمكانات وتمعن في المراوحة الغبراوية التي لا تستطيع مغادرتها إلى مسارات الخطو السريع.
المفكرون والمثقفون يصنعون وجود أمة، والأمم التي انطلقت في معاصرتها الحضارية قادها مفكروها وفلاسفتها ومثقَّفوها فوصلت إلى آفاق الوجود الأرقى.
وكيف تحققت قيادتهم لأممهم؟
إنهم قادوها عندما اجتهدوا في التوصل إلى أجوبة عملية واقعية صالحة للتعبير عن كيفيات الكينونة المطلوبة، أي أنهم أمعنوا في الجواب على "كيف نكون؟" وكل منهم تقدم بخارطة الفعل اللازم لتحقيق الهدف المرغوب.
وفي مجتمعاتنا لا يزال المفكرون والفلاسفة والمثقفون يدورون في معتقلات "لماذا؟" التي يصعب مغادرتها والانتقال إلى فضاءات "كيف؟".
فعلينا أن نتعلم آليات "كيف نكون؟" ونبتعد عن منحدرات "لماذا لا نكون؟".
واقرأ أيضاً:
هل الأمة مصابة بوعيها؟ / عيد كورونا!! / العرب عرب!!