تزدحم المواقع والصحف والخطب وحتى الكتب بادّعاء أن الأعداء صنعوا ما يفرّقنا ويدمّرنا وكأننا موجودات هامدة خارج نهر الحياة، فما أن تشير إلى موضوع أو تتساءل عن حالة حتى تجد قميص "هم" حاضراً ومُفصّلًا على القياس المتصوَّر والرؤية الموهومة.
"إنهم وإنهم" ذريعة متفاقمة متورمة طاغية ألغت وجودَ "إننا" ومحقت أي قدرة على التساؤل عن دورنا وعزيمتنا وإرادتنا، وتمعن بتعزيز الإذعانية وتكريس التبعية والاستسلامية والخنوع المطلق لإرادة "هم"!!
ومن المعلوم أن الصناعة بحاجة لمواد أولية، وبدون توفرها لا يمكن لصناعة أن تنجح، ولكي يصنع الطامعون فينا ما يريدونه لخدمة مصالحم الوطنية فإنهم بحاجة إلى مواد أولية يستثمرون فيها ويصنعونها كما يريدون.
والحقيقة الدامغة التي نغمض عيوننا عنها ونتغافلها هي أن مجتمعاتنا فيها وفرة وفائض من المواد الأولية اللازمة لتصنيع ما يضرنا ويُدمّرنا، ولهذا فإن القِوى الطامعة الساعية لتأكيد مصالحها تستغلها وتجتهد في تصنيعها.
فإن تحدثتَ عن أي حالة تراها من صناعة "هم" ستجد موادها الأولية قائمة في المجتمع وجاهزة للتصنيع ولا تحتاج إلّا إلى شرارة أو قدحة بالاتجاه المطلوب، وهذا ينطبق على التطرف والطائفية والتحزبية والفساد بأنواعه.
فليس من الإنصاف إعفاء أنفسنا وإلقاء اللوم على الآخر الذي يُؤمّن مصالحه وعندما يجد حالات كأمثالنا فإنه يستثمر فيها ويُسخّرها لصالحه، فموادنا الأوّلية الكامنة في المجتمع يسهل تصنيعها لما يضر بالبلاد والعباد ويصعب عليها غير ذلك.
أي أن فينا ما يؤهلنا لتدمير ذاتنا وموضوعنا، واستدعاء مفترسينا والذين لا يرحموننا ويغمطون حقوقنا ويصادرون مصيرنا.
فالعيب فينا أولاً وأخيراً!!
فهل وجدتم شعبا يتشظى أمام التحديات غيرنا؟!!
وتلك مأساتنا التي لا نريد أن نعترف بها ونبحثها ونعالجها بعقل سليم!!
واقرأ أيضاً:
عيد كورونا!! / العرب عرب!! / التحليل والتفسير لا ينفعان!!