الشعوب القوية تصنع قوتها برموزها الأقوياء النابهين الطامحين المتطلعين إلى غدٍ مطلق الإشراق. فالأقوياء الذين ينهضون بعزيمة وطنية وإنسانية مدوية لا تعنيهم لومة لائم لأن الحق رائدهم والقيم العليا قائدهم، ومعنى الحياة الإنسانية السليمة السامية عقيدتهم، وعندما يتواجدون في أي مجتمع فإنه سيكون قوياً مؤثراً وقادراً على صناعة حاضره الأبهى ومستقبله الأرقى.
هذه الشعوب ورموزها المكافحة المتيقظة تعيش متأهبة للمواجهة المصيرية مع أية قوة تزعزع وحدة الشعب وتسعى لتأمين مصالحها على حسابه. إنها شعوب حية واعدة متمسكة بقيمها ومبادئها، وتعصم عقدها الاجتماعي من التشويه والتهميش. شعوب تمتلك ركيزة كينونة متنامية تستند عليها، وتمضي بموجبها إلى ميادين تحقيق إرادتها الحرة الساطعة.
شعوب لا تقبل ضيماً، ولا تسكت على حيفِ أو فسادِ، وتهب عن بكرة أبيها بوجه الظلم والإمعان باستخدام القوة. شعوب تريد تحقيق ما تريد بتفاعلها الإيجابي وتمازجها وتكاتفها حول هدفها المنشود، وتنطلق نحوه كالسهم المشدود.
شعوب إذا أصيب مواطن فيها بضيم تداعت بالاحتجاجات والغضب والنكران لذلك السلوك لأنه سيصيبها ومَن يسكت على ظلم فيها يُحسب مشاركا فيه. شعوب تراها تثور وتقتحم معاقل القوة والحكم، وتصرخ بوجه المسؤولين وتطالب بالعدالة والإنصاف وأن القوة الحقيقية هي قوة الشعب وليست قوة الكراسي والمآسي.
شعوب تؤمن بدستور وقانون وحقوقها مصانة ووجودها أمانة. شعوب تعرف أن حكوماتها لخدمتها، وإن لم تفعل سيتم إزاحتها ومحاسبتها، وبأن مصير الحكومة بيدها، فالشعب يقرر مصير حكومته وليس العكس كما هو الحال في المجتمعات المقهورة المصادرة الإرادة والمصير.
فالشعوب المقهورة إذا تظاهرت واحتجت يوصف سلوكها بالعدوان وتتعرض لأقسى العقوبات والإهانات والإمعان بتدمير معنى الإنسان. وترى ذلك أمراً عادياً لا يثير المشاعر ولا يأتي بما يساهم بتحقيق بعض حقوقها الإنسانية.
تلك شعوب وهذه شعوب، وشتان بين الصوائب والعيوب!!
واقرأ أيضاً:
التعجيز العربي!! / البوعزيزية ظاهرة عولمية!! / العرب وقيمة الإنسان!!