الأصول يمكن تشبيهها بالطرق السريعة، والفصول بالطرق الفرعية، أو الأصل كجذع الشجرة والفصل كأغصانها وتفرعاتها.
ولكل حالة أصل وفصل، ولكي تستوعبها عليك أن تدرك الأصل وتعرفه جيداً فلا تَتِيهُ في فروعها.
ومشكلة الأمة أنها تعيش في مرحلة انتفى فيه وعي الأصل وفهمه، وتحقق الإمعان في الفصول، فأكثر أبنائها منغمسين بالفصول أو الفروع ومنقطعين تماماً عن الأصل الراسخ الثابت الواضح المبين.
فأصل الدين مجهول أو ضمير مستتر تقديره كان، وفصوله بأنواعها وتشعُّبَاتها معلومة وفاعلة في واقع الأمة ومستحوذة على أجيالها.
وهناك استثمارات عدوانية في الفصول ونشاطات سيئة لإبعاد الأجيال عن الأصول التي عليها أن تعرفها لكي تكون وترتقي.
وتلعب العمائم المتاجرة بالدين دورها المفجع في تكريس انغماس الناس في الفصول وتجهيلها بالأصول لأنها تجني من وراء هذه السلوكيات أرباحاً مادية ومعنوية.
فأصول الدين بسيطة واضحة مُتَيَسِّرة ويمكن للناس أن يتفاعلوا بموجبها ويترجموا إرادة الإسلام برحمة ومودة وإنسانية طيبة.
أما الفصول فحدِّث ولا حرج، فهي متاهات وتضليلات وفنون دجل ومراءات ومهارات استغفال الناس واصطيادهم وطمسهم في الماء العكر أو إغراقهم بحجب غبار ودخان.
وهناك مَن اعتدى على الأصول وتصورها وفقاً لرؤيته الفرعية، وجعل الأصول والفصول وكأنها في منطقة رمادية ليتمكن من التشويش والإمساك بمصير البشر.
فالأصول الحقيقية للدين هي أركانه وعموده الفقري التي لُخِّصت بالقول "بُنِيَ الإسلام على خمسٍ"
وبعدها يأتي الذي يأتي من التفرعات والفصول.
ومأزق الإسلام المعاصر بمناهج تعقيده وتعسيره والإمعان بالمتاجرة بمفاهيمه، والعمل على التفرقة والتناحر باسم الدين، وهذا يتحقق بفتاوى وتصريحات لأدعياء الدين المنتفعين من التصارعات والمخاصمات بين أبناء الدين الواحد.
فلا تقل أن ما تقدَّم ليس بأصول الدين، فذلك من قول الذين اغتالوا الأصول وتمادوا بالفصول التي أملتها عليهم أمّارات ما فيهم.
فهل من دينِ قويم؟!!
واقرأ أيضاً:
النُخب العليلة!! / الحجاج مرآة خليفة!! \ طبقات الدنيا