الأمم تحقق نصرها بقائدٍ قارئ، أي لديه علاقة وطيدة بالكتاب، ومَن لا يقرأ ويتعلم كل يوم لا يمكنه أن يقود.
الرئيس الصيني "ماو" من أبرز القادة القراء في التاريخ، وكان شاعراً مُفوهاً ولشعره صوت ثوري يقظوي مُدوّي في أرجاء المجتمع الصيني، ويُحكى أن جمال عبد الناصر كان قارئاً نهماً.
فالصين صنعها القائد القارئ، وكان صديقي الصيني يحدثني عن إدمان الرئيس ماو على القراءة، وأنه كان زاهداً في عيشته ولا يعرف سوى أن يقرأ ويتعلم طوال حياته، ومن قراءاته كان يتنَوَّر ويرتقي إلى مستوى اتخاذ القرارت النوعية القادرة على استنهاض الصين، وكم كرّر لي "أنه أعاد تصنيع عقولنا وتركيبها بأسلوب مغاير لما كانت عليه".
الرئيس ماو أوجد الصين وأحدث ثورة ثقافية قاسية فيها ترافقت بأخطاء وخسائر كبيرة، لكنها أنتجت رؤى ودروساً ذات قيمة حضارية معاصرة أخذت بالصين إلى مواطن العلاء الإبداعي الأصيل فتصدرت الدنيا في ابتكاراتها وتصنيعها.
فالثورة المعرفية أو الثقافية الشرسة هي التي زعزعت العقول وأعادت ترتيب آليات تفكيرها ومنحتها قدرات التفاعل والانفتاح العلمي المنير.
ولولا إيمان الرئيس ماو المطلق بالمعرفة وأهميتها في صناعة القوة والاقتدار لما تمكنت الصين من الوصول إلى ما هي عليه اليوم من تفوق في كافة الميادين.
وما يميز قادة الدول العربية هو أنهم لا يقرؤون، وقد قالها الرئيس ماو بوجه الرئيس جمال عبد الناصر عندما طلب منه النصح فابتسم وقال له ما معناه: "أتطلب مني النصح وأنت في أمة لديها خلاصات الأفكار والعلوم والتراث الكبير"!!
وكلما تصفحت كتب التراث العربي أُدرك أن قادتنا لا يقرؤون، وأنهم في عمهٍ وتيه في ظلمات الأيام. فلو اطلعوا على كتب التراث بصنوفها المتنوعة وحِكمها الرائعة ووصاياها الثاقبة لتمكنوا من قيادة الأمة والوصول بها إلى آفاق الرقاء والنماء الأصيل.
لكنهم لا يقرؤون؟!!
ولماذا لا يقرؤون؟!!
فإلى متى سيبقى قادتنا على تلّ الأمية ويتوهمون بأنّهم يعرفون؟!!
واقرأ أيضاً:
ثورات العرب عدوان على العرب \ كورونا والهياج الهستيري / لماذا يتنازل العربي عن ذاته؟!