"حبر على ورق!!"
عبارة تجري مجرة الأمثال في مجتمعانا، والمقصود بها أن المسافة ما بين القول والفعل شاسعة جداً، فما يُتفق عليه يكون مجرد كلمات كتبت بحبر الختام والتمام, أما بعدها فلا عمل يأتي ولا إنجاز يُرى.
وفي عصر "الكي بورد" يمكن القول أنها مجرد "كلمات على الشاشة" وكأنك تكتب فوق الرمال أو على وجه الماء.
وهذا يعني أن الكلمة فقدت قيمتها ودورها في مجتمعاتنا المعاصرة التي كانت الكلمة فيها تخبرنا عن فعل فصارت هي الفعل وحسب.
فالعرب كانت كلمتهم مدوية ومشيرة إلى عمل وفعل وإنجاز, أما اليوم فإنها مجردة من كل شيء إلا الأحرف التي تُكتب بها, وبعد ذلك فلا تتحدث عن غير ذلك لأن المطالبة بالفعل أصبحت حالة هرائية وكينونة هذائية تثير السخرية والازدراء.
يتساءل أحد الزملاء "لماذا اجتهاداتنا تبقى حبر على ورق؟" والجواب لأن إنجازنا أن نضعها على ورق, وبهذا نكتفي وندّعي بأننا قد أنجزنا وحققنا فعلاً ما.
إن أخطر ما يواجه الأمم والشعوب أنها تجرّد الكلمة من قيمتها ودورها في صناعة الحياة, وتوهم نفسها بأن القول هو الفعل, أما الفعل الحقيقي فيُحسب من أمهات الخيال والخبال.
ولا يمكن لهذه الأمة أن تلتقي ذاتها وترتقي إلى موضوعها إن لم تستعيد الكلمة قيمتها ودورها في الحياة, وتكون ذات طاقات إنجازية وعملية محفزة ومؤكدة على الوصول إلى كينونة إنسانية باهية.
ومن أنكر الحالات السلوكية هم الذين يقولون ما لا يفعلون, ويوهمون الناس بأنهم قد فعلوا، وفعلهم قول مجرد من روح العمل.
"وإنهم يقولون ما لا يفعلون"
فهل من قول يسبقه فعل؟!!
واقرأ أيضاً:
فرية التخلف / الطفل والطين \ سلوك هولاكو وعزيمة قطز؟!!