التحوّل إلى هدف سهل للآخرين آلية سلوكية تعصف بواقعنا منذ أكثر من قرن، ولا تزال في ذروتها التعبيرية للتحوّل إلى هدف!!
أنظمة حكمنا، أحزابنا، فئاتنا، طوائفنا، مسمياتنا بأنواعها تسعى لتكون هدفاً للآخرين في الداخل أو الخارج. أهداف لقِوى محلية أو إقليمية أو عالمية، فنحن نجيد مهارات التحول إلى هدف، ووضعنا أنفسنا اجيالاً بعد أجيال في هذه الدائرة المفرغة التي ندور فيها ولا نتعب.
لنتأمل أي بلد من بلداننا وسيبدو لنا واضحاً كيف سعى إلى أن يكون هدفاً للآخرين، وأقربها إلينا العراق وليبيا وسوريا واليمن وغيرها من بلداننا التي تسير وفقاً لآليات التحوّل إلى هدف!!
فأين العلة؟ هل هي في الهدف؟ أم في الذي يَستهدفه؟!
من وجهة نظر نفسية فإن الأمة تعيش في حالة تأنيب ضمير قاسية وتتلذذ بالمظلومية والمقهورية والحرمانية وتميل إلى ذرف الدموع والنجيع وجلد الذات والرثاء والأنين، ففي واقعنا تنتشر المراثي التي تعززها المآسي والويلات التي نستحضرها لتأكيد ما فينا من المشاعر السلبية المُعادية لوجودنا الفردي والجمعي.
فالميل للتحول إلى هدف يكمن فينا، وهذا يفسر كيف أن أنظمة الحكم في بلداننا عجزت عن التصرف بغير هذه الآلية المدمرة الجاذبة لما يؤذينا ويقهرنا.
أنظمة حكمنا بأنواعها (إلا فيما ندر) تعمل على أن تتحول إلى هدف، وتريد تمثيل دور الضحية لجهلها في إدارة شؤون البلاد والعباد ولكي تتبرأ من المسؤولية وترفع رايات المظلومية التي يأتي في مقدمتها التآمر على السلطة وأن البلاد على كف عفريت!!
فأنظمة حكمنا تتصرف وفقاً لمفهوم أن الذئاب تدور حول الكراسي، وعليها أن تستنزف طاقاتها لحماية نفسها من أنيابها ومخالبها!!
وتلك عاهة وجودنا السقيم في زمن تحولت فيه المجتمعات إلى طاقات هادفة ومتجهة كالصاروخ نحو أهدافها الحضارية المعاصرة.
فهل من قدرة على الخروج من مستنقع الهدف؟!!
واقرأ أيضاً:
الحسين الذي فينا \ يأكلون بعضهم، وآكلهم سعيد!! \ سكرة الكراسي!!