تغذية المشاكل والنزاعات وإدارة الأزمات والإمساك بخيوط اللعبة وتحريكها وفقاً لمقتضيات المصالح وبموجب "الغاية تبرر الوسيلة" سلوك معروف منذ الأزل بين الدول والقوى المتصارعة على الهيمنة الأرضية. فالقوة هدفها السيطرة على غيرها، فتنطلق بعنفوانها للنيل من أية قوة وتسخيرها لصالحها.
وهو سلوك متكرر منذ عصور ما قبل فجر التاريخ، والتصارع المُحتَدِم ما بين القوى التي نشأت وتطورت معروف وتتكشف آلياته مع تراكم التنقيبات الآثارية.
فالسلوك البشري في طبعه لم يتغير، بل امتلك أدوات التعبير المعقد والتفاعل المُبَطَّن الذي يتميز بالخداع والتضليل والإيقاع الفتاك بالهدف المطلوب. وكل قوة تستشعر بوجودها ونمائها تتخذ ذات المنهج والأسلوب، والعجيب في أمر بعض المجتمعات أنها تستلطف الخنوع والتبعية، وتخلع ما يشير لقوتها، وتتفاعل مع الآخرين وكأنها الحمل الوديع، وتعرف أنها في غابٍ دولي محتدم الصراعات والافتراسات القاسية، فتستحضر مبررات العدوان عليها وافتراسها.
والأمم التي تغفل إرادة القوة وتقرير المصير، وتندحر في غياهب القنوط والاعتماد على الآخرين تسعى إلى حتفها، وتستعين بقدراتها للنيل من ذاتها وموضوعها ومحق وجودها وتهديم عرين عزتها وكرامتها، فتحرق هويتها وتلغي معاني وجودها.
فعليها أن تعي منطلقات الغابية الحقيقية الفاعلة في الأرض، فلا مثالية ولا قيم وأخلاق ومعايير إنسانية عندما يتعلق الأمر بالوجود والمصير، والقوى بأنواعها أخلاقها ودينها وقيمها مصالحها التي تضعها فوق كل اعتبار.
فهل أدركتَ معنى أن تكون في الكرسي يا بشر؟!!
واقرأ أيضاً:
عندما لا تستحي الأقلام!! / الطراطير المعممة / المشاكل تفاعل مفردات