الغنيمة: ما اسْتُوْلِيَ عليه من أموال المحاربين عُنْوَةً وقهرًا حين القتال.
وهي من مفاهيم الحرب المُتَعارَف عليها منذ الأزل، وما تمَكَّنَت الأديان من تَبْدِيلها، بل استثمرت فيها وطوَّرتها، ووجدتها مَصْدَرًا مُهِمًّا من رِيعِها، فهي تَعْتَاش على الغنائم، ومعظم جنودها الذين يحاربون في سبيل الغنائم التي سيحصلون عليها، فالحرب تجارة مُرْبِحَة، فهي تأتي بالغنائم.
وفي بعض المجتمعات التي تسَلَّطت عليها أحزاب ترفع شعارات الدين أصبح سلوك مفهوم الغنيمة ساريًا، فتراب البلاد بما فيها وما عليها تُحسب غنيمة حرب، ومن حق الأحزاب التصرُّف بها كما تشاء بموجب فتاوى العَمَائِم القابِضَة على الكراسي، فما يُسَمَّى فسادًا هو ليس كذلك في عُرفها، فهي لا تفهم معنى كلمة فساد، لأن ما تقوم به يتماشى وشرعها وفتاوى عَمَائِمِها التي تضع يدها على كُلِّ شيء لأنه من حقها.
هذا المفهوم الفاعل في حياة تَعُضُّ المجتمعات المَنْكُوبة هو جوهر المشكلات بأنواعها، وتتغاضى عنه الناس، وتَنْهَمِك بما يُنْجِبُه من المُعْضِلات، وتبقى تدور في دوائر مُفَرَّغة من الوَيْلَات.
إن فِقْه الغنيمة بيت الدَّاء، وما دام ساريًا ومُؤثِّرًا فإن المشاكل في ازدياد، والخطاب الوطني في غياب لانعدامه في أَدَبِيَّات أحزاب الدين، فهي لا تعترف بِوَطَن ولا بمواطنين... وبموجب فقه الغنيمة، الناس عبيد وجواري، وإن أخذوا شيئًا فهو من فضل سَيِّدِهِم القابض على مصيرهم، فهم من غنائم حَرْبِه التي خاضها وجاهد فيها.
وهذا هو واقع الحال في بعض المجتمعات التي تَغْفِل حقيقة ما يجري فيها، وتتوهم بأنها في وطن ولديها كراسي وطنِيَّة تسعى لخدمتها والحفاظ على كرامتها وسيادتها.
مجتمعات الغنائم تنال الهزائم، وتنتشر فيها الجرائم، وتتوَشَّح بالخطايا والمَآثم.
فهل من إرادة حُرَّة وفعل جازم؟!
واقرأ أيضاً:
أمريكا والكراسي العربية / لعبة الدين والبلاء / عراق قوي ومصر قائدة / وهْمُ الوحدة العربية