عباس بن فرناس
عباس بن فرناس كان سبّاقا لعصره بعدة قرون, عندما حاول تجسيد فكرة البشر الطائر, وها هي فكرته تتحقق في القرن الحادي والعشرين, وأظنها ستتطور في العقود القادمة, حتى ليصبح كل شخص يمكنه أن يطير إذا أراد, بل أن البشر الطائر سيكون حالة عادية تتصل بالصبية اليافعين.
فالانتقال من مكان لآخر سيكون بالطيران الفردي أو الجماعي, لأن تكنولوجيا الطيران, وصناعة الأجنحة التي يمكن للبشر أن يطير بها أخذت تتطور, وأصبح التحليق في الهواء أمرا عاديا.
ترى ماذا سيقول عباس بن فرناس إذا استيقظ وشاهد فكرته قد تطورت, وأن البشر يحلق في الهواء كالطيور من حوله.
إن ما قام به عباس بن فرناس, يقدم لنا مثلا على أن أية فكرة تخطر على بال الإنسان ستتحقق ذات يوم, فالأفكار ما أن تهبط من معاقلها العلوية وتحل في الرؤوس البشرية, فأنها تستعبدها وتسخرها لابتكار ما يعبر عنها ويترجمها, وما أن تقدح الفكرة حتى تتأجج ولا يهدأ أجيجها إلا بعد أن تجد من يمثلها ويطلقها.
وفكرة البشر الطائر, مضت في عقول الأجيال, حتى صادفت من يتعهدها وينطلق بها, وقد آن أوانها وتفتحت وتوفرت لها التقنيات اللازمة لتحققها, وتطويرها, والمضي بها في مسيرة متنامية متجددة ذات إبداعات غير مسبوقة.
وهذا عقل عربي جاهر بأفكاره, وتحدى وعانى, واتهم بالشعوذة والزندقة وغيرها من افتراءات الفقهاء المدعين بأنهم حماة الدين, وهم ألد أعداء العلم والعقل الفاعل الحر.
فقد كان العقل يخيفهم ويطير منه صوابهم, بل ويتطيرون منه لأنه سيزعزع مكانتهم وحظوتهم, وما يغنمونه من الكرسي الذي عند قوائمه يتعبدون, وجميعهم انطمروا في ظلمات التراب, ومضت أفكار عباس بن فرناس مشرقة مدوية في عقول الأجيال, وها هي تنطلق بإرادة العصر الذي احتضنها, وأمدها بوسائل التعبير الآمن, والاقتدار الكفيل بإنطلاق جوهرها.
فكل من عليها فان إلا الأفكار وما تلده روح الإنسان!!
واقرأ أيضاً:
أفكارُنا كَيَانُنا / معنى الحرية!! / الاعتماد المُتبادَل!