التعويص: عدم الإفهام والتعقيد والإدغام.
المشكلات تتراكم وآليات تعويصها تتعاظم، وهذا ديدن أحوالنا، ومصير تفاعلاتنا.
فنحن أصحاب إرادة تعويصية، وقدرات عالية على تعقيد المشكلات وتعفين التحديات، والتحول إلى آفات تتصارع مع بعضها في مستنقعات الويلات والتداعيات.
وهذا اقتراب متوارث وتفاعل عويص لا ينفك يحاصرنا ويصيبنا بخسران مريع.
فلو نظرنا إلى أي مشكلة حصلت في القرن العشرين، لتبين لنا بأننا ما وجدنا حلا لأبسطها، بل تمادينا بتعقيدها وتعويصها ودفعها لتكون معضلة، وحالة جاثمة على صدور الأجيال، ومستنزفة لطاقاتهم وقدراتهم ومعطلة لعقولهم وقاضية على تطلعاتهم.
والمثل الواضح قضية فلسطين، التي أوصلناها إلى ما هي عليه من الحال المتشابك المتعوص المتذابح، ولا زلنا نجتهد بتعقيدها وإيصالها إلى طريق مسدود، ولكل منا ما يدعيه ويسوغ به ما يذهب إليه، والحل بعيد، والمنال نراه قريبا وهو بعيد.
بينما لو اتخذنا سبيل التنقيص، أي العمل على إزالة دثار المشكلة ومعوقات حلها، فإنها ستجد ما ينقذها من التأجج والتعويص، فالتنقيص آلية لتحرير أية مشكلة من قبضة التعويص، الذي إذا عصف بالحالة فإنه سيستولدها ما يزيدها تعويصا.
وهذه الآلية التفاعلية من الصعب استيعابها، لأن العواطف والانفعالات المؤازرة للتعويص في ذروة أجيجها وقدرتها على استعباد العقول، لأن الزمن قد صنع تراكمات ذات تأثيرات قاسية.
إن علينا أن نستيقظ، ولكل يقظة إرادة عالية صلبة مقدامة متوثبة، وللإرادة المستنيرة قدراتها الذاتية والموضوعية، وما يترتب عليها دفعه من ثمن باهظ وقد يكون شديدا وأليما.
لكن الأمة يجب أن تكون ولا خيار عندها إلا سبيل أكون!!
واقرأ أيضاً:
وقل اعملوا!! / مفكرونا والدين والحياة!! / توفيق الحكيم رائد المسرح العربي!!