القادة رمز شعوبهم وأوطانها، وعليهم أن يكونوا بقدر ما يمثلونه، ويتجردون من ذاتهم، ويذوبون في موضوعهم الذي هو الوطن والمواطن.
القائد الوطني الحقيقي يصمد ويكافح ويواجه، ولا يتخلى عن موضعه لو كلفه حياته، ويقدم قدوة حسنة، ويتفاعل مع التاريخ بإخلاص وأمانة.
ولهذا وجدنا القادة الحقيقين يصمدون، ويفدون أوطانهم وشعوبهم بأرواحهم، وما خطر على بالهم أن يهربوا ويتركوا الشعب يواجه مصيره لوحده.
فسلوك الهرب لا يحصل في المجتمعات الحرة الأبية، ويتكرر في المجتمعات المسلوبة الإرادة، التي تتشظى أمام التحديات، وتتحول إلى فئات ومجاميع تقاتل بعضها.
وفي بعض دول الأمة قادتها هربوا وما وقفوا بشموخ وكبرياء لمواجهة التحديات، والدفاع عن الوطن وما ترمز إليه مناصبهم، وما قدموا أمثلة ذات قيمة تاريخية وحضارية، ولا واحد منهم وقف برأس مرفوع ويواجه العدوان، ويموت من أجل مبادئه وعقيدته التي كان يدّعي الإيمان بها، والذود عنها و شرف الأمة والوطن.
بل العجيب في الأمر، أنهم هربوا، رغم معرفتهم بمصيرهم، وانتهوا في مذلة وهوان، فمحقوا تاريخهم الطويل وما كانوا يدّعون.
فلماذا هربوا وما صمدوا، وما ماتوا بعزة وشرف وكبرياء؟
يبدو أن معظمهم وقعوا ضحايا للضغوط النفسية الموجهة ضدهم، وبموجب برامج مدروسة ونظريات وقوانين سلوكية صارمة، تم الاحتيال عليهم ومنعهم من تقديم القدوة الوطنية الحسنة، لأن في ذلك تدمير لإرادة الطامعين في بلدانهم.
وبسلوكهم الهروبي كشفوا عن غبائهم القيادي، وجهلهم الحضاري والتاريخي، وبأنهم كانوا رموز ردود أفعال لا غير، وبموجب هذا السلوك المتكرر، تم دفعهم إلى ما يخدم مصالح المُستهدفين لهم ولبلدانهم.
ففاز أعداؤهم، وساندوا عدوانهم بهروبهم، لأنهم طعنوا مجتمعاتها بظهورها.
وبغياب القدوة الوطنية الصامدة الشامخة، انهارت بلدان أمة كانت رمزا لقوتها وعزتها وكرامتها!!
فهل أدركنا جوهر المأساة؟!!
واقرأ أيضاً:
التكامل الغذائي يا عرب!! / أعوام توالت!!