"تنبهوا واستفيقوا أيها العرب... فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب"
(إبراهيم اليازجي) (1847 - 1906).
القصيدة مكتوبة قبل أكثر من قرن، وتشير إلى أن الأمة فيها مَن قرؤوا حاضرها واستشرفوا مستقبلها ، ودوّنوا نداءاتهم وصيحاتهم ولوعاتهم في كتابات متنوعة ومنها الشعر. فكان النصف الثاني من القرن التاسع عشر يزدحم بأصوات الإرادة المتوثبة نحو مستقبل أزهى وأقدر.
وبرغم ما أسسته من منابر فكرية وثقافية، ونشاطات على كافة المستويات، فإن تلك الصرخات لم تنجح في تحقيق اليقظة الثقافية، والتنوير اللازم للخروج من شرنقة التبعية والاستسلامية، وتعطيل العقل، وإعتقاله في أقبية "السمع والطاعة"؟
ونحن على مشارف السنوات الأخيرة من الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، وقد اتضحت أمام العرب قيمتهم، وكيف مضى التعامل معهم على أنهم لا يمتون إلى البشرية بصلة، ولا للإنسانية بوشيجة، بل أنهم أرقام وحسب.
فتناولهم وسائل الإعلام كأرقام ، فيقولون قتل مئة، مئتان، ألف، ألفان، وهلم جرا، ويمر الخبر سريعا وكأن شيئا لم يكن، أما صور الخراب والدمار وانطمار الأبرياء تحت الأنقاض، فإنها معتادة لا تثير مشاعر الآخرين، ولا تأبه لها منظمات حقوق الإنسان، ولا تعني الأمم المتحدة، فهذا ما اعتاد عليه العالم والعرب أنفسهم تبلدت مشاعرهم، وما عادوا ينتفضون للقتل بالجملة والمفرد وللخراب الواثب الشديد.
حلب، الموصل، الفلوجة، اليمن، ليبيا، السودان، غزة، وباقي مدن البلدان العربية، تهدمت البيوت فيها على رؤوس ساكنيها، واندفنت عوائل بأكملها تحت الأنقاض، ولا تزال مطمورة في بعض المدن، ولا من صرخة أو صيحة ضمير عربية أو عالمية.
وما تنبه العرب ولا استيقظوا، ولا يزالون نائمين، بأحزانهم يترنمون، وبويلاتهم يتمرغون، وبدماء بعضهم يسكرون!!
فإلى متى يبقى البعير على التل؟!!
واقرأ أيضاً:
هيَ الغابُ !! / العجز المُجتمعي المُتَعَلَّم!!