"هي العروبة لفظٌ لو نطقتَ بهِ ... فالشرقُ والضادُ والإسلامُ معناهُ"
عروبة: إسم يُراد به خصائص الجنس العربي ومزاياه، وهو مصدر عَرُبَ.
أيها العرب، العروبة تعصمكم من الغرق، فهي طوق نجاتكم وبوصلة مصيركم، وبرهان وجودكم، وعلامتكم الفارقة وهويتكم الصادقة، وبغيرها سيكون حالكم أسوأ مما أنتم عليه.
وما أن رفع العرب أيديهم عن عروبتهم، حتى داهمتهم وحوش الغاب المعاصرة، وشرذمتهم وألبتهم على بعضهم، وحولتهم إلى فرائس منهمكة بإضعاف بعضها وإنهاكها، ليسهل صيدها وإيقاعها في شراك المتربصين.
فانزلق أقواهم في حروب مدمرة، ليكون وليمة للآخرين وبمؤازرة العرب، وبعد أن مُحِقت قوته وسيادته وقدرته، صار افتراسهم سهلا وممكنا وبأنفسهم، بعد تحويلهم إلى كيانات مستغيثة تستنجد بأعدائها لحمايتها من أخيها، كما تتوهم أو كما تملي عليها مخاوفها وتوجساتها، فأصبحت التي تريد البقاء تلبي مصالح أعدائها، وأكثر غيرة منهم على مصالحهم، وهذا واجب الدول التي سخّرت أموال النفط للفتك بالعرب، وتدمير وجودهم وتحقيق مصالح أعدائهم.
ذلك أن خيط العروبة انقطع، وانفرط عقد الوجود العربي، وتقافزت دوله كخرزات المسبحة المنفرطة، لا تعرف لها شكلا ولا هدفا ولا غاية ولا موضعا، بل تتدحرج في متاهات الضياع والخسران، والوقوع في حبائل الآخرين.
وبسبب غياب التماسك العُروبي، تم تطبيق سياسات التمزيق والانفراد بالأهداف مثلما يحصل في الغاب، عندما تسعى الضواري لتنفرد بالفريسة لتأكلها، لأن وجودها في رهطها يحميها.
وكأننا جماعة في غاب السياسات، إلتهامها يتحقق بالإفراد، وهذا ما تمكنت منه القِوى الطامعة بالعرب، فاستطاعت أن تتفرد بدولهم الواحدة تلو الأخرى.
فالوجود العربي تبعثر وانفردت الوحوش، حسب قدراتها بهذه الدولة أو بتلك، وبعض الدول تآزرت معهم لافتراس أخواتها، وهي كالأسير الذي عليه أن ينفذ إرادة سيِّده، أو كالفأرة في قبضة قطٍ يراقصها، حتى تسكب محتويات غددها الصماء ليتمتع بلذة طعمها.
ووسط هذه التراجيديا، وكوميديا الافتراس المبرمج، لا يوجد أمام العرب غير العروبة، فإن لم يتمكنوا من الامساك بها فالضياع مصيرهم!!
"ويح العروبة كان الكون مسرحها ... فأصبحت تتوارى في زواياه"!!
واقرأ أيضاً:
الشمسُ عدوَّتُنا!! / القرية المأزومة!!!