التبعية عاهة مزمنة فاعلة في الواقع المجتمعي لدول الأمة، فمنذ تأسيسها اقترنت بها، فجسدت الدونية والتأخر والتخلف والركض اللاهث وراء الدول الغربية.
وتنامت العاهة وأزمنت وتعضلت، فصارت الأجيال تترعرع في أحضانها وترضع حليبها، حتى أصبحت المصادر الأجنبية هي الأصل، ولا قيمة لكتاب أو بحث أو دراسة إن لم تستند على مصادر الآخرين، أما إذا اعتمدت المصادر العربية فستفقد قيمتها ودورها.
وينطبق ذلك على ما يُنقل من نصوص وكتابات ، فتجد كتّابا لا يُرَوْنَ بالعين المجردة في بلدانهم، تحوّلوا في ديارنا إلى كواكب ساطعة، لأن بعضا من نصوصهم تُرجمت وسوِّقت على أنها ذات مقام عظيم.
ويستند الكثير من الكتاب والمفكرين والمثقفين والإعلاميين، على المصادر الأجنبية، ويحسبونها منبع الحقيقة، وما هي إلا نظريات ذات نسبة من الصوابية والكثير من الخطأ، وتتباهى الأقلام بنقلها أفكار الأجنبي إلى ديار العربي، وكأنها تهينه وتستصغره، وتحسبه بلا قدرة على مجاراة بديع غيره من أبناء الأمم والشعوب، وبذلك يساهمون بقهره وتدمير وجوده وتحريره من إرادته وقوته وأمله في الحياة الحرة الكريمة.
فالكتابات المعتمدة على مصادر أجنبية تفتقر الصلة الجوهرية مع الواقع الذي يُراد لها أن تنتشر فيه، لأن البشر يبحث عن الإبداع المنبثق من تربته، ويأبى الوافد السقيم.
ومن الواجب تفنيد القول السائد في وعينا الجمعي بأن "مغنية الحي لا تطرب"، فأمم الدنيا ترى العكس وتطرب الأحياء فيها لمغتياتها، وتتباهى بها وتكون بواسطتها.
فالمطلوب الإيمان بأنفسنا، وبقدرتنا على الإتيان بالأصيل المتميز الذي يمثلنا، فينطلق بنا إلى آفاق السؤدد والرجاح.
فالعلة فينا وعلينا النتعافي منها، فالتبعية لا تخدمنا والذي يعزنا ويجسدنا، الفعل الطالع من تربة إرادتنا، والآخذ بنا إلى أنوار الوجود الساطعة؟
فكن مبدعا أصيلا لا تابعا عضيلا!!
واقرأ أيضاً:
تعدد الإسلام والدين واحد!! / الديمقراطية الغائبة والقائد المفقود!!