الفوز المغربي المبارك لفريق كرة القدم (10\12\2022)، كشف حقيقة ساطعة وفاعلة في وجودنا منذ قرون، وأغفلها الفلاسفة والمفكرون، يلخصها عنوان المقال، فكل ما كتب عن أسباب التمحن العربي على مدى القرن العشرين، ولماذا تعذر النهوض، كان مجرد من الفعل الواقعي والجواب الصائب، وتبين أنه ثريد حول صحون الويلات والتداعيات.
ومن المؤسف أن الأجيال لا ترى برؤوسها، وأن ركلة قدم واحدة أعلمتها بأن السبب لعدم قدرتها على التفاعل الإيجابي الاتحادي، سببه الحقيقي أنها في متوالية هزائم وانكسارات واحباطات لا تنتهي، فتفرق جمعها وتفتت إرادتها، وتبلدت بصائرها، من شدة الصولات الانفعالية المتأججة الداجية.
فالعمل الجماعي والفعل الاتحادي بحاجة لانتصارات تمده بالقوة والاقتدار العملي الإنجازي، الماثل أمام الأعين وتدركه الأيادي وتعبّر عنه الكلمات.
فالنصر من الضرورات الأساسية لوحدة العرب وتفاعلهم كأمة واحدة، وبغياب النصر انتفى وجود الأمة، لأنها تأبى أن تكون في مستنقعات الانهزام، وطبعها أن ترفع ألوية النصر والإقدام.
هذه الانعطافة التأريخية المظفرة حثت في الأعماق العربية قوة الصيرورة اللازمة للتوافق مع ذاتها وهويتها الجوهرية، بعيدا عن أغلال التصليل والتغفيل والتجهيل والإلهاء والعبثية والمتاجرة بالدين.
إنها أمة العقل والمعقول، فهي تتبصر وتتفكر وتتعقل، وتسعى للارتقاء إلى مدارات المدارك العلوية، فرسالتها إنسانية عولمية كونية ذات أبعاد مطلقة مديدة الاتساع، ولا نهائية البلوغ والبزوغ.
أمة النصر والعزم والاتحاد، وأن توضع في أوعية الانهزام ففي ذلك اعتداء غاشم عليها، ودفع بها خارج أسوار ذاتها وموضوعها، وها هي تستعيد همتها، وتتحسس وجودها، والتوثب نحو مستقبلها الزاهر السعيد، رغم العاديات، وأهوال الهجمات الافتراسية الداعية إلى اقتلاع جذورها، ومحق مروجها الحضارية الوارفة الباسقة الأيائك والدوحات.
تحية لأمة انتفضت وتمسكت براية وجودها العزيز، وإن النصر ربانها نحو الفجر الحضاري الجديد!!
اقرأ أيضاً:
اصنعوا ولا تجزعوا!! / الاقتصاد عماد الوجود!!