الحروب ما عادت حروبا كما عهدتها البشرية، وإنما كروب لا طائل من ورائها، إذ تطورت بسرعة فائقة خصوصا في القرن العشرين، وتحولت من حروب جيوش وعروش، إلى حروب مدن ومجتمعات، وتأثيراتها في كل مكان، فالمدن سوحها، والمدنية المعاصرة ستتكبد خسائر غير مسبوقة إن تحاربت، لأن العمران سيحارب العمران، والتكنولوجيا ستحارب التكنولوجيا، مما يعني أنها تفاعلات إفنائية متبادلة، والبقاء لمن يبدأ أولا.
فهل أن البشرية نصّبت الحمقى في الكراسي؟
إن الويلات عبر العصور يقودها الحمقى، فيتموضعون في بطون التأريخ بسوء سلوكهم، وبكثرة سفكهم للدماء، وأهوال ما يخربونه ويحرقونه مما شيده البشر المُستهدف بعدوانيتهم، فالنصر في عرفهم القضاء على الآخر ومحق وجوده وما يشير إليه.
والربع الأول من القرن الحادي والعشرين يتوطنه الرعب والاندفاع نحو الانتحار الحضاري المبيد، لتوفر الحمقى على دفة القيادة والتسلط، ولكل منهم أجندته العدوانية، وتتحكم بهم أهواء نفوسهم الأمارة بالشرور.
ويُخشى أن تتدهور الأحوال في السنوات المتبقية من الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، وتنتقل البشرية إلى عصور ما قبل التأريخ، بضربات ماحقة متبادلة بين الحمقى الذين لا يعتبرون، وفي بهتانهم يعمهون، ويحسبون القوة في الهلاك المبين.
فالبشرية تقف على شفا حفرة من الغياب المشين، بعد أن قطعت مراحل ذات قيمة وقدرة على وعي الحياة والتفاعل معها بآليات تشير إلى أن البشر إنسان.
ومن المحزن، أنها ربما ستبرهن فشلها المرعب، بعد أن خاضت حروبا قاسية في النصف الأول من القرن العشرين، واستفاقت من غيها ووضعت الضوابط للسلام القويم، لكنها عجزت عن الحفاظ على مسيرة بلا حروب مروعة، وكأنها تحث الخطى نحو حرب عالمية ماحقة تعيد ما فوق التراب إلى التراب.
والعجيب في الأمر أن هناك مَن يطرح أفكارا مذهلة ومنها صناعة السماد من أبدان البشر، لأن الحرق والدفن وغيرهما لا يساهمان في الحفاظ على البيئة، بل لابد من تحويل الأبدان المتفسخة إلى سماد عضوي يساهم في زيادة إنتاج الطعام، بمعنى أن البشر يعتاش على البشر، أو يأكل بعضه بعضا.
فالأثمار من دم ولحم البشر المتفسخ في التراب!!
إنها مرحلة عصيبة فوق أرض رهيبة، مذعورة مصابة بالغثيان من شدة الدوران.
فهل يوجد مخرجا غير الحرب الفانية؟
اقرأ أيضاً:
الانتصار يوحدنا والانهزام يفرقنا!! / البقاء للنافع!!