تسألني: لماذا لا يوجد عندنا نوابغ مثل غيرنا من الأمم؟
فالأمم فيها أشخاص نبغوا في شتى المجالات، وأسسوا لمسيرات ذات قدرات منحت دولهم القوة والريادة والسيطرة على إرادة الغير.
لو نظرتم أيا من الأمم المعاصرة لوجدتم فيها ما يؤكد ذلك، بينما أمتنا تفتقد هذه الانطلاقات الحضارية المغيرة لمسار البشرية.
ترى لماذا تتفتح البراعم عندهم وتموت عندنا؟
النبات بحاجة لتربة صالحة للإنبات، وبيئتنا المجتمعية غير صالحة للإنبات!!
في أمتنا مئات النوابغ والأفذاذ الذين يموتون حتف أنوفهم، ويدفنهم المجتمع ويطمر وجودهم، ويأبى أن يسمح لهم بالتفتح والازهار.
ويعود السبب الأول لفقدان منهاج الحكم الراعي للطاقات والقدرات الوطنية في دول الأمة.
فأنظمة الحكم تتكون من الجهلة والمنفعلين المتمسكين بالكرسي، فهو هدفهم ومعنى وجودهم، ويمضون فترات حكمهم بالذود عنه وتدمير مَن يقترب من قوائمه، فيستهلكون الأيام بعبثيات وتفاعلات خسرانية مريرة، ويخشون من الأذكياء وأصحاب الرأي والقدرات الفريدة، لأنهم يحسبون كل ما يفوقهم تهديد للكرسي الذي يتعبدون في محرابه.
هذه العاهة المريرة محقت إرادة الأجيال، ووشحتها باليأس والقنوط والمشاعر الدونية، وعززت التبعية والاتكالية وفقدان الثقة وغياب إرادة التحقق والرقاء.
فالسائد في مجتمعات الأمة،عليها أن تتبع غيرها في نشاطاتها، ولا يوجد مَن يدعو للاعتماد على النفس والعمل الجاد لتحقيق إرادة الإنسان وعزته وكرامته، وأكثرها تجرد المواطن من قيمته، وتأسره بالقهر والحرمان من أبسط الحاجات، وتنكر عليه حقوقه الإنسانية المتعارف عليها.
وباختصار إن المواطن لا يعرف الحرية، وعقله مجمّد في أوعية الأضاليل والأوهام الزمهريرية المقدسة، فأنى يبصر يجد أمامه خطوط حمراء، ومصدات وعثرات قد تكلفه حياته.
والأدلة كثيرة، والدليل الإيجابي في الأمة أنها في العصر العباسي الذهبي، رفدت البشرية بنوابغ متميزين في ميادين العلوم المتنوعة.
ونبغ في بعض دول الأمة أفذاذ لا يزال تأثيرهم فاعل في الأجيال.
فالأمة غنية بالعقول الحضارية الأصيلة، والذي تفتقده القادة الذين يستصلحون بيئة الوجود العربي
اقرأ أيضاً:
الكرة وإرادة الحياة!! / المفكرون العبثيون!!