عندما يُطرح أي سؤال عن التأخر العربي، يكون الجواب واحدا، وبمقاربات خامدة وعقيمة، لم يتحرر من قبضتها المفكرون والفلاسفة والمثقفون.
ولا زلنا نقرن التأخر بأحداث مضى عليها قرون، وكأن المجتمعات الأخرى لم تحصل فيها أحداث أبشع وأقسى من التي عندنا.
فعدم التقدم المتوافق مع إرادة العصر، ناجم عن أسباب نفسية ومشاعر سلبية، تفاعلت في الواقع الذي لم تتوفر فيه قيادات إيجابية ذات قدرات معرفية، ووعي تأريخي، وفهم لطبيعة الإنسان وجوهر ما فيه.
وتفاقمت الحالة بعد الحرب العالمية الأولى، عندما أدركت الدول المنتصرة فيها، أن عليها أن تنيخ الشعوب وتستعبدها بآليات مباشرة وغير مباشرة، أو استعمار ناعم، وآخر خشن، وتقلص الاستعمار الخشن مع الأيام لكلفته الباهضة، وتنامى الاستعمار الناعم لربحيته العالية، وبموجبه يُزرع في الهدف أسباب الضعف والانكسار وفقدان الإرادة، وإقناع الناس بأنهم عالة وعليهم بالتبعية والخضوع لإرادة الطامع فيهم، فتوجهت الأقلام ووسائل الإعلام للترويج لثقافات الانكسار والاندحار والدونية، وتحقق تسويق العديد من الأشخاص ليكونوا أبواقا للانهزام والقبول بالأمر الواقع، واستلطاف البكاء على الأطلال، وتمجيد الغوابر وتقديم التأريخ بأساليب خيالية وتقديس شخوصه، واعتبار الماضي مجدا خارقا لا يمكن الوصول إليه، وتم إخراج رموزه من آدميتهم، واعتبارهم مخلوقات لا تتجسد فوق التراب، وكأنها لا تموت.
وعلى هذا المنوال سارت الأجيال متعثرة بالأجيال، وحتى يومنا المعاصر تجد العديد من الأقلام تكتب ما تبرر به التأخر وتحسبه تحصيل حاصل.
وهكذا تأسن الواقع بتكرار ما هو سلبي تجاه الأمة والإنسان، وغياب القيادات القادرة على استنهاض الطاقات وبناء الحاضر والمستقبل، واشتداد الهجمات الإعلامية بأنواعها؟
فالجيل العربي تم خداعه، والنيل منه، والقسوة عليه، وتدمير وجوده، ومصادرة حقوقه، وتعطيل عقله بآليات السمع والطاعة، حتى صارت الخطايا مقدسة
اقرأ أيضاً:
الحروب بالنيابة!! / تلاحم العرب يأتي بالعجب!!