القول بأن الأمة ستموت لا يتوافق مع بديهيات الأمور، فأمم الكتاب والكتابة خالدة، ومتواصلة مع العصور، وإن أصابها بعض الخمول والسكون، لكن نبضات وجودها تحافظ على إيقاعها، وتعلن عن ذاتها وموضوعها، حالما تحين الظروف الراعية للإنبثاق والتجدد والنماء.
وأمتنا تعيش عصر ولادتها من رحم جوهرها، وستكون ذات شأن كبير في هذا القرن.
ذلك أن طاقات أبنائها تتفاعل وتتعاظم، ومكنوناتها الحضارية تتفتح وتتبرعم، وتنطلق في مساهمات أصيلة ومتميزة.
والقائلون بأن الأمة لا تعطي يجانبون الحقيقة، لأن المدنية المعاصرة عولمية وتشترك فيها أمم الدنيا كافة، ومنها أمتنا، التي أبناؤها في ميادين الإبداع العالمي يسطعون ويتميزون.
فالمشكلة التي تعاني منها الأمة وتسببت بتأكيد الاقترابات السلبية، هي أن دولها بأنظمة حكمها، لا توفر البيئة اللازمة لإطلاق الإبداعات وتثمير العطاءات.
فالعلة الحقيقية في أنظمة الحكم المرهونة بتأمين مصالح الطامعين بثروات الأمة.
أما العناصر الحضارية الكامنة في أعماق الأجيال، فأنها تتفتح وتتكون وفقا لإرادة المكنونات الفاعلة فيها، ولا توجد أمة بهذا العمق الحضاري والموروثات الإبداعية النادرة، لا تلد وجودها المعاصر وتؤكد قيمتها ودورها الإنساني.
فحضارات وادي الرافدين والنيل، لا بد لهما من الإنبثاق الخلاق والعطاء الفعال في ربوع الدنيا.
فعلينا أن نقرأ أبجدياتنا الحضارية بعيون الإرادة الواعدة، والإصرار القادر على التواصل مع الجذور الحية، المتشابكة في أعماق تراب الأرض المعطاء.
فلا تقل أن الأمة تموت، وكأنك من الأموات.
الأمة حية ساطعة، وذات وجود كبير في مسيرة البشرية، ولن تتنازل عن دورها ورسالتها وقوتها الإبداعية المنيرة على مر العصور.
فلنعرف أمتنا وبها نكون!!
واقرأ أيضاً:
هل يشعر البشر بالبشر؟!! / التغيرات البيئية والأوبئة!!