اخترع: استحدث اكتشف
انخرع: خاف جزع ضعف استرخى
من مميزات القرن الحادي والعشرين أن الأفكار أخذت تتلاقح بسرعة لامثيل لها في القرون الماضيات، فما أن تنطلق فكرة حتى تتلقفها عقول عديدة وتستثمر فيها فتتطور وتنطلق وكأنها من إنتاج جميع العقول التي تشاركت في تمثلها.
وعليه فإن ما يُستحدث لا قِبَل للفرد به، لأنه منتوج جماعي، وهذه ظاهرة لم تعهدها البشرية من قبل، والتي كانت المخترعات فيها فردية وحسب، وتحتاج لزمن معين لتنتشر وتتعود عليها الناس، أما اليوم فكل ما يحصل يسابق الضوء، وسرعة انتشاره تتناسب طرديا مع القدرات التواصلية المتعاظمة التسارع والاستحواذ على وجود البشر.
فما نخترعه صار مخيفا ويصعب على نسبة كبيرة من البشر التفاعل معه وفقا لما يستوجب التفاعل، فالعلاقة البشرية أصبحت عبر شبكات التواصل بأنواعها، ومعظم الدوائر تحول الموظف فيها إلى عبد للكمبيوتر، فلا يعرف شيئا وعليه أن يعود إلى الشاشة ليجيب على أبسط الأسئلة.
اليوم كنت في دائرة لإجراء معاملة ما، فوجدتني في محنة، فالجميع عاجزون عن القيام بعملهم، لأن شبكة الإنترنت عاطلة، ولا يُعرف السبب، ولا يدرون متى ستعود!!
احترت في الأمر وغادرت، والقول بأننا أصبحنا عبيدا لمخترعاتنا يتردد في خاطري!!
والمعضلة الكبرى أننا اخترعنا أدوات شر قادرة على إبادتنا، وأمعنا باستخدامها ضد بعضنا، فاختلقنا الحروب المروعة، وصارت الصواريخ والمسيرات والقاذفات المتنوعة تلقي بحممها الفتاكة على الناس عن بعد بعيد، فتحسب ما تقوم به من إجرام ألعاب افتراضية على شاشات التفاعلات اليومية، التي جردّت البشر من مهارات التواصل الاجتماعي الحي.
فهل ستخرعنا حقا مخترعاتنا، وتبيدنا وتحيلنا إلى عصف مأكول؟
إن الواقع الأرضي بحاجة إلى غلطة قائد مأفون، لتتحرر الأرض من أحمالها!!
وعلى نفسها جنت عقولنا!!
و"مَن يزرع الشر يحصد ندامة"!!
و"لاخير في علمٍ لا ينفع الناس"!!
واقرأ أيضاً:
المعنى المَغفول!! / النفس المخذولة!!