العالم ينشغل بالنتائج لأنها ذات ربحية وقدرة على تنمية الاقتصاد وتشغيل مصانع الأسلحة، وامتهان الأمم والشعوب واستعبادها بالسلاح وما يتصل به من خدمات، ما دامت تستورده من الآخرين، لتحارب في سبيلهم، لتطوير النتائج وتعقيدها وتغييب الأسباب وتنميتها.
ومن الواضح ووفقا لرؤى جهابذة الفكر والعلم في الدنيا، أن جوهر الويلات المتصاعدة يمكن اختصاره بعاملين أساسيين هما اليأس والفقر أو البؤس، وبنشاطهما تتحقق نتائج فظيعة تعصف في الدنيا، ولن تهدأ ما دامت قدرات تنميتهما أقوى من قدرات تحجيمهما ومعالجتهما.
فالفقر يعصف بمعظم البشر، ويحشره في زوايا خانقة ومظلمة يتساوى عنده فيها الموت مع الحياة، ولا يكاد يفرق بينهما، فيكون هدفه أن يتخلص من معتقل الفقر، فأي زنزانة أخرى أرحم منه وأفضل، ولهذا فأن الفقر طاقة دافعة للقيام بما لا يخطر على بال من السلوك.
والمشكلة التي تواجه البشرية أن الأسود الراتعة المتخومة ترى أن القضاء على الفقر يكون بالقضاء على الفقراء، لأن في ذلك وسيلة لزيادة التأسد والتقدم والازدهار.
والبؤس من أشد الحالات والعوامل التي تأخذ البشر إلى مهاوي المخاطر، وتدفع به للإتيان بالأعمال المروعة، المنبثقة من براكين اليأس المنحبسة في الصدور والنفوس، وما أكثر اليائسين في المجتمعات التي أوجعها الظلم والقهر والحرمان، وعصفت فيها أمّارات السوء والبغضاء، وهذا يدفع وبقوة عارمة نحو مهاوي الفظائع والآثام.
ويطبق المتأسدون ذات القاعدة على اليائسين بقولهم، لكي تتخلص من اليأس علينا أن نقضي على اليائسين، ونوفر لهم الوسائل الكفيلة بالتعبير عن يأسهم، وسينتحرون حتما بيأسهم، ويدمرون أنفسهم ومجتمعاتهم، وما علينا إلا أن نوفر لهم السلاح الكفيل بالقضاء عليهم أجمعين.
وبهذا تبدو الحالة وكأنها صراعات غاشمة ما بين فقير مسلح ويائس مسلح، وتلك أكبر وأقبح لعبة جرت فوق التراب، ويمارسها الملعوب بهم من اليائسين والفقراء المحرومين، والأسود تتضاحك وتأكل فرائسها السمان، وهي متبخترة بكبريائها في عروشها الخضراء الزاهية بالحياة.
فليأكل اليائسون والفقراء الموت هنيئا، وليتمتع المفترسون بأنخاب سعادتهم الوحشية، وتلك معادلة الحياة عندما يكون البشر فيها عبيدا للبشر المستعبد ببشر آخر، في مسلسل النيل من البشر وقهره وامتهان وجوده، وتدجينه ليكون أرقاما على يسار أهرامات الاقتدار والسطوة والتسلط، والاستبداد المقنّع بشعارات الديمقراطية والدين، وغيرها من الأضاليل والخداعات والتسويغات لكل عمل مشين.
واقرأ أيضاً:
المعرفة كالماء والهواء!! / المفكرون لا يفكرون!!