أوطاننا رائعة جميلة غنية، وديننا رحيم عليم سليم، مذاهبنا ومدارسنا أنوار فكرية وانطلاقات إدراكية زاهية، إنساننا معبّأ بأرقى الجينات الحضارية، وهو سليل عقول وهاجة، وأجدادٍ برعوا في صناعة الوجود الإنساني الأبهى.
فكل ما فينا وعندنا في غاية العذوبة والتمام والكمال، لكن العلة الكبرى التي أفنتنا تكمن في العقل!!
نعم إن العلة في العقل!!
ولكن أي عقل؟
إنها علّة العقل السياسي العربي!!
العقل السياسي مريض ويحتاج للعلاج في المصحات العقلية!!
الأحزاب السياسية يؤسسها المذهونون المألوسون الذين تسيطر عليهم الأوهام والتهيؤات والهلاوس والتصورات الخبيثة.
الأحزاب العربية، أنظمة أوهام، وتعيش في أوهام، وتفنى في أوهامها، التي لا يمكن محاججتها أو التفاعل معها، فهي صاحبة الحقيقة المطلقة، وكل مَن يقول غير ذلك عدوها, ولهذا فلا يمكنها أن تتفاعل أو تتحاور.
لو لم تكن تعيش أوهاما، لأدركت بعيون الواقع وبصيرة المصالح الوطنية والمصلحة العامة.
تأمّلوا ما يجري في أي بلد عربي، ستجدون سيادة الأوهام الحزبية، سواءً كانت دينية أو غيرها.
فالعرب يعيشون مرحلة أوهامٍ تأكل أوهاما، والأوهام مناهج انقراض وفناء.
الأحزاب تتخندق في عقائدها الوهمية، ولا تتزحزح عنها، وتحسب أي تغيير أو تطور أو مواكبة، نوع من الهزيمة والعار والخيانة، لكنها لا ترى تدمير الوطن وحرق الحاضر والمستقبل خيانة أو عملا لا وطنيا، لأن أوهامها لا تسمح لها بالتفكير بغير مفرداتها الراسخة في ذاتها، والمتجاهلة لموضوعها.
وهذه الأوهام السياسية والحزبية، هي التي صنعت متوالية الفشل السياسي على مدى القرن العشرين، وقد تأججت قدراتها في القرن الحادي والعشرين، وهي ساعية بأوهامها الكبرى إلى متاهات الانقراض العظيم.
فأحزابنا بأنواعها، ليست أحزابا سياسية حقيقية، وإنما هي تكتلات أوهام جماعية تتناطح فيما بينها، كالأكباش المتحمسة للمسافدة اللذيذة.
أوهام تناطح أوهاما، وأحزاب تفتك بأحزاب، ووطن وشعب يتولاهما الدمار والخراب!!
ورايات الأوهام ترفرف في كل مكان، فهل لدينا مصحات عقلية تكفي لحجر ساستنا، وعلاجهم بالصدمات الكهربائية وبعقاقير الجنون المعاصرة؟!
استفيقوا أيها (الساسة) من (أوهامكم) واتقوا الله فيما تفعلونه وتقولونه، وأنظروا أبناء الشعب وارأفوا بالوطن، والإنسان الذي أوجعته أوهامكم، وضيق مدارككم، واندحاراتكم بالكراسي، وكأنكم أصناما ولستم من أبناء الشعب، أو تذكرون بأنكم كنتم منه ذات يوم!!
فهل أنتم مصابون بذهان الكراسي، وهوس الأحزاب الاكتئابي، ذو الطاقات الانتحارية العالية؟!!
والويل للعرب من أحزابهم المتوهمة بالسياسة!!
و"لايخدعنك هتاف القوم بالوطن...فالقوم في السر غير القوم في العلن"!!
واقرأ أيضاً:
المفكرون لا يفكرون!! / تجارة اليأس والفقر!!