الحنفيش: حية عظيمة ضخمة الرأس.
الحية حيوان زاحف يسرط ما يناله عندما يجوع، ويحارب مَن يحاربه، وفي أكثر الأحيان تكون فريسة لحيوانات أخرى متنوعة، وحتى الطيور الجارحة تتلذذ بصيد الحيات.
والقليل النادر منها ينجو من الهلاك ويتحنفش، ويكون صاحب قدرة على الفتك بالآخر، لكنه يبقى تحت رحمة مَن يفترسه ذات يوم لأن فيه لحم وفير.
فالحنفيش ربما يسرطنا، ويتمتع بوجبة بشرية قد تكفيه لبضعة أيام، بعد أن تذيبها عصاراته المعدية التيزابية المواصفات.
وهذا الحنفيش قد تحاوطه الحيوانات المفترسة، وتبدأ بأكله من ذيله حتى رأسه، وهو في محنة الدفاع اليائس عن نفسه، فبعد أن سرط ما سرط، جاء اليوم الذي سيكون فيه الفريسة على موائد الوحوش الشرسة السابغة.
فلكل مفترس مَن يفترسه، ولكل متسلط مَن يتسلط عليه، ولكل ظالم مَن يذيقه مظالمه، وتلك سنة المسيرة فوق التراب، فالقوي لا بد أن يُطاح به ذات يوم، فالحنفشة لا تدوم، والمسكنة ستقوم، فالأدوار متبادلة والحياة منازلة.
والمتحنفشون في ديارنا يتكاثرون، لأنهم منفوخون بغازات الضلال والتبهيم والتغفيل، فأصبحت أحجامهم كبيرة وآيلة للانفجار عند أول نغزة بإبرة الوعيد، الذي يزحف إليهم متخفيا بعباءة رغباتهم، وتطلعاتهم السقيمة النكراء.
وكلما كثر الحنافيش في المجتمع، أصيب بتداعيات مريرة، ونكبات خطيرة، وصارت الحنافيش ذات إمتدادات إخطبوطية، وتحركات افتراسية لا تعرف الحذر حتى تتساقط يوما في الحفر.
فهل بيننا حنافيش بدرجات متباينة؟
إن تاج الباء يوهمنا بأننا غير ذلك، بينما حقيقتنا تتناسب طرديا مع المسافة التي يبتعد فيها التاج عن رؤوسنا.
فهل لنا أن لا نتحنفش على بعضنا، ونستحضر الإنسان الذي فينا؟!!
و"حب الذات يخدعنا ويعمي أبصارنا"!!
واقرأ أيضًا:
ما أرخص العربي!! / كذب الإعلام ولو صدق!!