انهي المعركة مع السمنة!
تقول د.ليندا بيكون Linda Bacon (باحثة في التغذية جامعة كاليفورنيا وأستاذة التغذية في كلية مدينة سان فرانسيسكو): أيها الطبيب إن مريضك يئس من أن ينقص وزنه، وأنت كطبيب تؤمن بما يشيع حول خطورة البدانة فتدعم رغبة مريضك في إنقاص وزنه، وتشجعه على تحديد وارده من السعرات الحرارية وتحثه على زيادة التمارين الرياضية. ولكن دعونا أيها الطبيب وأيها المريض أن نعترف بشفافية أنكما دائماً تخسران معركتكما مع السمنة وإنقاص الوزن، وذلك لأن الطريقة المتماشية مع التيار العام السائد في إنقاص الوارد الغذائي هي طريقة غير صحيحة! والنتيجة هي زيادة الوزن بين متبعي نظام الحمية، وظهور بوادر لأفكار مرضية تتعلق بالانشغال الزائد بالوزن، والتي قد تنتهي بأحد أشكال اضطرابات الأكل النفسية، التي هي في ازديادٍ مستمر في عصرنا الحالي.
أعد النظر في أفكارك السابقة وضعها على بساط البحث!
تتابع د. ليندا تمت المبالغة بشكل كبير في أن زيادة الوزن تشكل خطراً على الصحة. ففيما يتعلق بخطر الوفاة نتيجة السمنة -وباستثناء الدرجات القصوى إحصائيا- فقد تبين أن حساب منسب كتلة الجسد ليس أكثر من متنبئٍ ضعيف فيما يتعلق بطول العمر أو قصره، وهناك دراسات كثيرة تبين أن زائدي الوزن من الناس يعيشون على الأقل بقدر الناس طبيعيو الوزن بل ربما يكون الوزن الزائد مثاليا لعمرٍ أطول (Durazo-Arvizu, et al.., 1998).
أما فيما يتعلق بأن زيادة الوزن عامل خطورة لتطور بعض الأمراض، وذلك وفقاً لدراساتٍ وبائيةٍ. الحقيقة أن تلك الدراسات نادرا ما كانت تأخذ في اعتبارها عوامل أخرى تتداخل في حدوث المرض كمستوى اللياقة البدنية والنشاط ونوعية العناصر الغذائية التي يتناولها الأفراد، وتأرجح الوزن والحالة الاجتماعية والاقتصادية للعينات المدروسة. وفي المقابل أظهرت بعض الدراسات التي أخذت بعين الاعتبار العوامل السابقة أن ما تسببه البدانة من زيادة في تطور الأمراض يختفي أو على الأقل يضعف بشدة بل يصبح ذو علاقة واهية (Campos, et al., 2006).
ومنه نخلص إلى أن إنقاص الوزن ولفترات طويلة ليس بالضرورة يحسّن الحالة الصحية، وهو ليس بالهدف العملي، لأن الغالبية العظمى من الناس تستعيد ما فقدته من وزن بغض النظر عن صيانتهم لنتائج الحمية أو استمرارهم على الحمية أو برامج الرياضية (Miller, 1999). يقول الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي (أستاذ الطب النفسي في جامعة الزقازيق –مصر) في مقالة بعنوان (أكذوبةٌٌ اسمها الرجيم):
لا يمكن إنقاص الوزن على سبيل المثال خمسة كيلوغرامات في خمسة أيام دون ارتفاعه لاحقا، لأن هذه السرعة تؤدي إلى زيادة الوزن بشكل مضاعف مستقبلاً. تقولُ نتائجُ دراسةٍ تعتبر بمثابة حجر الزاوية في ميدان البحث في عواقب الرجيم أن خمسينَ بالمائة من الذين ينجحونَ في إنقاص أوزانهم يستعيدون أوزانهم القديمة خلال ثلاث سنوات، والباقونَ خلال السنوات الستة التالية، أي أن من ينقصُ وزنهُ اليومَ من 90 كيلو جرام إلى 75 كيلوجرام على سبيل المثال سيعود إلى وزن 90 مرةً أخرى بالتأكيد حتى ولو كانَ قد أمضى ثمانيةَ سنواتٍ على وزنه الجديد!
ولم يثبت أحدٌ أبداً أن فقدان الوزن يطيل العمر! وعلى النقيض أثبتت بعض الدراسات أن إنقاص الوزن المتعمّد يزيد من خطورة الموت المبكر قياساً لأمراض معينة (Williamson, 1995)، أما كيف يمكننا تحسين الحالة الصحية؟ فهذا يمكن من تحسين السلوك الصحي بغض النظر عن فقدان الوزن أو عدمه (Bacon, et al., 2005). وقد أثبت وجود تحسن في الحساسية الجسدية للأنسولين وفي مستوى شحوم الدم في أناس كان لديهم شحوم دم عالية وذلك عند إتباعهم برامج رياضية فاعلة.
أما في الوقت الحالي ووفقاً للدراسات المتوازنة فإننا نعلن أننا ننهي معركتنا مع الدهون، لأنها خاسرة كما رأينا، ونعلن عن حركة سلام جديدة تسمى (Health at Every Size) الصحة لكل وزن، وهي حركة تُسَلِّمُ بأن العادات السلوكية الصحية أهم بكثير من مراقبة وزننا على الميزان (Lamarche, et al., 1992). أي أن العادات الصحية هي المقياس، والانتساب في حركة السلام الجديدة سهل وبسيط، فقط أوقف مشاحناتك مع نفسك والناس حول أوزانهم، وشجّع الناس من كل الأوزان أن يحوّلوا تركيزهم من وزنهم إلى التركيز على صحتهم ونظامهم الغذائي والرياضي. ادعم كل إنسان لأن يتقبل جسده، وأن يدخل عاداتٍ سلوكيةٍ صحيحةٍ في نظام حياته. وانطلق من مبدأ أنه ليس بزيادة كمية الطعام وحدها يزيد وزنك, وإنما بأسلوبك الخاطئ في تناول الطعام، والقاعدة الذهبية.
الطريقة المثلى لتناول الطعام أفضل من الرجيم
هذا ما يقوله د. مازيل في كتابه الذي صدر أخيرا في الولايات المتحدة والذي يحمل عنوان: الطريقة المثلي لتناول الطعام أفضل من الرجيم.. ود. مازيل هو عالم التغذية الأمريكي الشهير الذي نجح في إنقاص وزن أغلب نجمات هوليوود.
إذاً أيها الفاضل: انهي المعركة مع السمنة! وازرع الطمأنينة في نفسك مهما كان وزنك!
وإليك بعض الاقتراحات والتوجيهات التي يقدمها لك د. مازيل في كتابه:
1. تجنب تناول بروتينات وكربوهيدرات كثيرة في وجبة واحدة. مثال ذلك البطاطس مع شريحة اللحم أو معكرونة مع الجبن, وبدلا من ذلك يمكنك تناول البطاطس مع السلطة الخضراء في وجبة واحدة, أما شريحة اللحم فيمكنك تناولها مع الشوربة في وجبة أخري. ولا مانع من تناول الزبادي أيضا مع الوجبتين.
2. تجنب دائما الصوص والتوابل ويمكنك الاستعاضة عنهما ببعض الأعشاب الطبيعية وقليل من الزبد أو الزيت.
3. إذا أفرطت يوما في تناول الآيس كريم أو البيتزا أو أي نوع من الأطعمة الغنية بالدهون والكريمات, فيجب عليك في اليوم التالي الاكتفاء بالزبادي (اللبن) والفواكه, فالفواكه كفيلة بإيجاد نوع من التوازن بين السعرات الحرارية والشحوم خلال اليومين.
4. إذا أفرطت يوما في تناول اللحوم والحلوى فعليك بالفواكه إذا وجدت في اليوم التالي.
5. اجعل الأولوية في طعامك للفواكه والخضراوات الطازجة. ولكن إذا تناولت يوما وجبة غنية بالبروتين والسكاكر فلا تكثر من الخضراوات والفواكه حتى لا ترتبك عملية الهضم.
6. تجنب التوابل في طبق السلطة فهي تزيد من الشهية فضلا عن أنها غير صحية, ويجب أن يسلق الخضار في أقل كمية من الماء لأن الحياة العصرية يلزمها كثير من الفيتامينات والأملاح المعدنية.
7. حاول مزاولة بعض الألعاب الرياضية الأساسية مثل العدو السريع والسباحة القصيرة والجمباز, بالإضافة إلي التمرينات السويدية خاصة تمرينات البطن.
- يضيف د. مازيل أن اتباع هذه التوجيهات يحتاج إلي إرادة حديدية وهذا يؤهلك إلي أن تفقد نحو12 كغ من وزنك خلال 6 أسابيع فقط, أي بمعدل 2 كيلوجرام من وزنك أسبوعياًً.
ونضيف بعض النصائح والخطوات تمكننا من تخفيض الوزن بشكل بطيء وباستمرار وردت في تقرير أحدث دراسة أعدها المركز الصحي في العاصمة التشيكية براغ:
1. ينبغي تنويع الأغذية (لحوم، سمك، طعام نباتي، خضار مسلوق، فاكهة، خضار) والإقلال من كميتها.
2. تجنب الإفراط في تناول الطعام في الوجبات الثلاث وتوزيع ذلك إلى خمس وجبات خفيفة يوميا بفارق ساعتين يبن الوجبة والأخرى مع ضرورة مضغ الطعام بشكل جيد وتناول العشاء الساعة السادسة مساء كحد أقصى تحت إضاءة خفيفة، لأن الإنسان يأكل بشكل مضاعف عندما تكون الإضاءة قوية.
3. وضع الطعام في صحون صغيرة لأن العين هي مفتاح المعدة، وينصح لمن لا يقتنع بذلك أن يتناول كأسا من الماء قبل تناول الطعام حتى تمتلئ المعدة، كما ينصح أيضا بشرب الماء بعد شرب القهوة لأنه ينظف الأمعاء وينعشها.
4. يقول لوبومير بروخاسكا أحد معدي الدراسة أنه توجد عادات على الإنسان تجنبها مع تطبيق هذه النصائح مثل عدم الأكل ومشاهدة التلفاز، ذلك أن تناول الطعام يتم في هذه الحالة بكميات كبيرة دون أن يكون الشخص جائعا ويصبح هذا الأمر عادة وبالتالي بشكل أوتوماتيكي عند إشعال التلفاز يشعر الجسم بحاجته للطعام.
5. أعط جسمك حقه من النوم، لأن التعب والإرهاق والتوتر دون نوم كاف تتسبب في طلب الطعام من أجل تعويض الطاقة التي يصرفها الجسم.
6. عدم التوجه إلى مراكز التسوق والمتاجر الكبيرة عندما تكون المعدة فارغة أو دون قائمة بالحاجيات التي يتوجب شراؤها، لأن الجوع في هذه الحالة يجعل الإنسان يشتري كميات من الطعام أكثر مما يحتاجه، بالإضافة إلى تناوله أطعمة يشتهيها هناك مثل الخبز ما يدفع الجسم لطلب المزيد منها.
مع تمنياتي بحياةٍ ملؤها العافية ...........................
المراجع:
Durazo-Arvizu, R, McGee DL, Cooper RS, Liao Y, Luke A. Mortality and optimal body mass index in a sample of the US population. Am J Epidemiol. 1998;147:739-749.
Flegal KM, Graubard BI, Williamson DF, Gail MH. Excess deaths associated with underweight, overweight, and obesity. JAMA. 2005;293:1861-1867.
Troiano R, Fronqillo EA Jr, Sobal J, Levitsky DA. The relationship between body weight and mortality: a quantitative analysis of combined information. Int J Obes. 1996;20:63-75.
Campos P, Saquy A, Ernsberger P, Oliver E, Gaesser G. The epidemiology of overweight and obesity: public health crisis or moral panic? Int J Epidemiol. 2006;35:55-60.
Miller WC. How effective are traditional dietary and exercise interventions for weight loss? Med Sci Sports Exerc.1999;31:1129-1134.
Williamson DF, Pamuk E, Thun M, Flanders D, Byers T, Heath C. Prospective study of intentional weight loss and mortality in never-smoking overweight U.S. white women aged 40-64 years. Am J Epidemiol. 1995;141:1128-1141.
Sorensen TI, Rissanen A, Korkeila M, Kaprio J. Intention to lose weight, weight changes, and 18-y mortality in overweight individuals without co-morbidities. PLoS Med. 2005;2:E171.
Bacon L, Stern JS, Van Loan MD, Keim NL. Size acceptance and intuitive eating improve health for obese, female chronic dieters. J Am Diet Assoc. 2005;105:929-936.
Lamarche B, Despres JP, Pouliot MC, et al. Is body fat loss a determinant factor in the improvement of carbohydrate and lipid metabolism following aerobic exercise training in obese women? Metabolism. 1992;41:1249-1256.
واقرأ أيضًا:
أكذوبةُ الوزن المثالي / هل البدانة مرض؟ / مسارُ البدانة من الصحة إلى المرض / البدانة من الجمال إلى القبح / نظرية النقطة المحددة / زملةُ برادر ويللي