في الذكرى السنوية الأولى لكارثة برج التجارة العالمي اهتز العالم كله يتابع ويشاهد على شاشات الفضائيات إحياء الذكرى الأولى لانهيار البرجين، وكثرت البرامج التي تستضيف ناجين من تلك الكارثة، وبرامج أخرى تستضيف محللين سياسيين ومتخصيين في العلوم الاجتماعية إضافة إلى رجال الدين، ومن السهل عليك أيضاً -بعد مرور ما يزيد عن خمس سنوات- أن تبحث عبر الانترنت عن اسم شخص مفقود أو أن تقرأ مدونات أهالي الضحايا ومذكرات سكان نيويورك ومقالات الصحفيين والمثقفين بل وتشاهد صور وأفلام قدمها المصورون، وأن تتابع كم القلق والخوف الذي أصاب الشعب الأمريكي بعد تلك الكارثة منا نحن العرب والمسلمون والي ضخمته وسائل الإعلام المشار إليها... وإذا بحثت على الانترنت باللغة الانجليزية عن الأبحاث العلمية التي أجريت حول تلك ما حدث فستجد أنه من الصعب جداً قراءة ومتابعة كل هذه الأبحاث لكثرتها، فهناك أبحاث حول الآثار النفسية التي خلفتها الكارثة على حتى الناجين والسكان وعمال الإنقاذ وغيرهم.
بعد هذه المقدمة المختصرة عما حدث أسألك عن كارثة تعرضت لها بلدنا الحبيبة مصر في مثل هذا الشهر فبراير 2006 وهي كارثة غرق العبارة "السلام 98"، والتي راح ضحيتها ما يزيد عن ألف شخص اعتبروا في عداد المفقودين حيث لم يعثر سوى على 70 جثة فقط، تجد "لا حس ولا خبر" في الذكرى الأولى لتلك الكارثة!! تخيل أن احد أفراد أسرتك أصبح مفقوداً.... كيف سيكون إحساسك بالمرارة؟ هل ستمر عليك ذكرى وفاته وكأن شيئاً لم يكن كما هو حاث الآن في بلدنا؟ هل لا زلت تذكره؟ عدد كبير من المفقودين كانوا شبابا عادوا للزواج وكثير منهم اشترى "شبكة" لعروسته، والبعض الآخر ضاعت منه تحويشة العمر في كارثة الغرق.
ما هو أصعب من ذلك أن الأسرة الواحدة فقدت أكثر من شخص في تلك الكارثة!! منهم شاب في بداية الأربعينيات من عمره يعمل بالسعودية وتعيش زوجته أولاده بمصر، وقد فقد زوجته واثنين من أولاده، أما الابن الثالث فرفض السفر وبقي بمصر... ترى كيف يعيش هذا الابن الثالث –أو لنقل الوحيد-؟ هل يسكن بنفس المنزل الذي كانت يعيش فيه مع أمه وإخوته؟ هل سافر ليعيش مع والده بالسعودية؟ هل أكمل عامه الدراسي بالمدرسة؟... شاب آخر فقد كل أفراد أسرته الثمانية!! امرأة ثكلى فقدت طفليها وهما بعمر العامين والثلاثة أعوام... هل لا تزال ترتدي السواد...
من يكتب عن هؤلاء؟ من يمد يده إلى الثكالى وأسر الضحايا؟ كلنا نحفظ –عن ظهر قلب حديث الرسول عليه الصلاة والسلام الذي أوضح فيه أن من فرج عن غيره كربته فرج الله عليه في الدنيا والآخرة، أما آن لنا أن نتحرك ونقف بجانب ضحايا الكوارث والأزمات؟... وللحديث وشجونه بقية
اقرأ أيضا:
المؤتمر القومي السابع لطب الكوارث / مؤتمر قومي لطب الكوارث! / الأطباء وإنقاذ مصابي الكوارث / دور الأخصـائي النفسـي في الأزمات