الطروحات التي تفاعلت مع أجيال الأمة منذ فجر النهضة واليقظة، خاطبت الكرسي أكثر من الإنسان، وفشلت في التطبيق وأمعنت في التنظير.
فالمفكرون والقادة إنطلقوا في خطابات مثالية، وما اقتربوا منها عمليا، فبقيت مركونة في رفوف الذاكرة الجمعية، المعفرة بويلات الممارسات المناهضة لها.
ويبدو أن البشر لديه ميل للتقاطع مع ما يطرحه، فللكلام ميادينه، وللأفعال سوحها المتصلة بمعايير غابية بحتة. فالكرسي قوة، ووفقا لقوانين القوة، يكون التفاعل مع المحيط الذي يفرض وجوده فيه.
ولهذا فشلت النظريات السياسية برمتها، وما استطاعت الإقتراب مما طرحته وجاهدت في سبيله، بل يمكن القول بأن معظمها تقاطعت مع ما كانت تناضل من أجله.
فالأحزاب والقوى التي وصلت للحكم، لم تتخذ آليات فريق العمل للتصدي للتحديات التي تواجهها، وسلمت أمرها لفرد طغى وإستبد، وأصبح عنده القول الفصل.
وهذا الفرد لا يمتلك الأهلية الفكرية والثقافية والنفسية والقيادية والعقلية، المتوافقة مع إيقاع التأريخ وموجبات التواصل مع معطياته المتجددة، فيركن إلى ما ترسّخ في وعيه من تصورات تصل إلى حد الأوهام.
وعندما نتأمل مسيرة الوجود العربي في القرن العشرين، تجدنا أمام مشاهد متشابهة ومتكررة، وإن إختلفت مسمياتها ومنطلقاتها، لكنها تؤكد في ممارساتها ما يناقض النظريات التي أطلقتها، وحسبت أنها تسعى لتأكيدها.
ولا يزال الحال يعيد ذات السلوكيات، الضارة بالمصالح المشتركة للمواطنين، فتراكمت الويلات وتفاقمت التداعيات، وتوالت الأخطار، وهانت الإرادة، وتعثرت الأجيال ببعضها.
وإن لم نتعلم مهارات العمل كفريق واحد، سنبقى ندور في ذات الدائرة المفرغة المترعة بالخسران!!
19\6\2021
واقرأ أيضاً:
الخضرمة والأضرمة!! / الديمقراطية المحمومة!!