من سبت الغفران إلى سبت الطوفان20
ما لم يقله أحد عن الهجرة
عام هجري جديد يذكرنا بأن الحركة والتغيير والجهاد بأنواعه - والهجرة تشمل هذا كله - هي بعض معالم الحياة النشطة، وهي مفردات في الإسلام دينا وممارسة!!
الحياة الهادئة الوادعة حيث يولد إنسان ويعيش في مواجهة حياة رتيبة ليموت بعد سنوات أو عقود على فراشه -كما يموت البعير- كما قال سيدنا خالد بن الوليد، عند وفاته على فراشه!!
هذه الحياة ليست هي الأصل، وإن تعود عليها الكثيرون منا، وتمناها أغلبنا في مقابل حياة الاغتراب والحركة والسفر فرارا من الظلم والاستبداد، أو سعيا وراء لقمة العيش
تاريخ أمة الإسلام كما أي دين وكما أية أمة يتقدم خطوات إلى الأمام بالعرق والدم والدموع والتضحيات والعمل والإبداعات والاجتهاد.
صمود أهلنا في غزة حول المقاومة الجسورة وبطولاتها يلهم الكثير من المستضعفين حول العالم لكنه لا يوقف نزيف الدم، ولا يعرقل عجلة الإبادة لأن قوى التنفيذ في العالم متواطئة، وصناعة السلاح والقرارات وراءها عصابات وتكتلات ومصالح وأجهزة تعمل ضد المستضعفين لطردهم والاستيلاء على أرضهم ومواردهم وثرواتهم ولا يقتصر هذا على فلسطين كما هو ظاهر جلي حاليا.
يمكن وقف الإبادة إذا تغيرت خرائط هذا العالم وموازيين القوة فيه ولم يكن هذا ممكنا كما هو الآن، لكنه يحتاج إلى نفير عام أدعو إليه من أول يوم!!
كل مذبحة ومجزرة وكل خطأ أو خطيئة، كل موقف ناقد للصهاينة، وداعم لفلسطين، كل حادث أو غلطة قاتلة، كل صوت يرتفع أو تجمع ينشط دعما يحتاج إلى مجموعات دعم ومواصلة وتوصيل وتشبيك وتطوير، مجموعات صغيرة ربما، لكن دؤوبة ومستدامة، تبدأ وتستمر وتتكاثر لتسعى مترجمة كل معلومة وكل مشاعر السخط ووقائع العدوان والعنصرية والوحشية إلى قضايا أمام المحاكم في كل بلد، وحملات دعاية بكل لغات العالم، وفضائح وقصص على كل لسان وفي كل بيت!!
معركة أمة والأمة عنها منصرفة لا يقول بهذا أحد ولا ينشط فيه أحد وكل منصرف إلى شأنه ويقول: ماذا يمكنني أن أفعل؟؟ وبدايات الخيوط والحكايات والمعارك والجبهات بمئات الآلاف!!
لكن كل فرد ثابت متكلس قعيد كسيح رهين محابسه وظروفه، يصفق للجهاد والمجاهدين، وللشهداء والصامدين، الذين يفقدون كل شيء، ويرحلون تاركين وراءهم كل شيء والصهاينة يدمرون كل شيء وهو يأبى أن يتزحزح عن تفاصيل حياته الرتيبة البائسة- غالبا.
يقول صديقي: في الطوفان نحتاج إلى سفينة وربما سفن نصنعها من خامات صحراء حياتنا، نحتاج إلى تغيير أنظمة حياتنا إلى ثقافة حرب وميزانية حرب وأخلاق حرب وتربية أجيال مشتبكة في حرب..
بينما الإنسان العربي "أنتوخ" كسول، ولو تحرك في سبيل قضية سار خطوات ثم كبا وتقاعس وتلاحقت أنفاسه.
إما أن نتغير في تفكيرنا وسعينا وتربية أنفسنا وأبنائنا وحركتنا ومستوى ثقافتنا وتواصلنا مع العالم وصراعاته: من معنا لننسق معه وننضم لنعمل معا، ومن ضدنا لنعرفه جيدا ونقاومه ونلاحقه، فيمكننا عند ذلك تغيير العالم وكسب المعارك وتحويل دفة الصراع، أو نبقى كما نحن مستمسكين بلعب دور الضحية الكسلى، وهذا معناه تحول كل تضحية عزيزة وكل ثمن فادح دفعه أهلنا في غزة إلى هباء منثور وهشيم ذكريات وحكايات تذروه رياح النسيان، ولو بعد حين.
إما أن يتغير العالم لمصلحتنا وذلك بجهودنا وحركتنا مقابل الثمن الفادح الذي دفعه ويدفعه وسيدفعه أهلنا في غزة وفي كل بقعة نازفة من أرضنا، أو نبقى مذهولين يجتاحنا العدو في كل موقع!!
العالم مفتوح كما لم يكن من قبل:
العقول والقلوب والمؤسسات والمنظمات والأحزاب والجامعات.. مفتوح للإنصات لصوت الحق وللتعاطف وللعمل المشترك المستمر وتغيير الخرائط.
فهل نهاجر أم نظل نتحدث عن الهجرة فقط؟؟
هل نتحرك ونتغير أم ننتظر دورنا في الاجتياح!!