يا ليتنا نعرف أجدادنا ولا نتخيلهم، ونضفي عليهم ما لا يمت بصلة إليهم، ونخرجهم من آدميتهم ونتوهم بأنهم الملائكة، أو الهابطون من السماوات القصية.
ما يحصل في واقعنا المعرفي، إسقاطات تخيلية عليهم، وتحويلهم إلى موجودات لا يمكن الوصول إلى مقامها، وتحقق إضفاء القدسية المبالغ بها عليهم.
فلا يجوز أن تتساءل أو تثير موضوعا لا يتوافق مع المنطق نحوهم، لأن الكثيرين سيعتبرونه إعتداءً غاشما وسيكيلون التوصيفات القاسية عليك، ويحسبونك من أعداء الأمة والدين.
أ ليسوا بشرا؟ لماذا التوهم بأنهم غير ذلك، ويتوطنون الساميات التي لا قدرة لدينا للوضول إليها؟
إن ما جاء به الأجداد، يمكننا أن نأتي بأحسن منه أو بمثله، ولا يصح في الأفهام الشعور بالدونية والانكسارية وفقدان القدرات الحضارية الأصيلة.
الأحفاد فيهم الكثير من خصال الأجداد، فالروح متوارثة، والعقلية الابتكارية الإبداعية تدب في الأجيال، ولا ينقطع حبل الوصال بين السابق واللاحق.
فلا تحسبوا أجدادنا صوامع عالية، وكائنات خيالية لا تتكرر، فلكل زمان رجاله وعقوله، وما تناقلته المدونات فيه الغثيث المرتبط بإرادة الكراسي الفاعلة آنذاك.
فلا يغرنكم المنقول فتحسبونه الصدق المطلق، فالذي كتبه بشر له مواقفه وآراؤه وتطلعاته الدنيوية المعروفة، فليس كل ما دونه صحيح، ونزيه مما فيهم من المطمورات والنوازع المتنوعة.
نحترم الأجداد، ونعتز بما قدموه للحضارة، ولا نحسبهم نهاية المطاف وذروة الاقتدار الذي لن نصل إليه.
إنها فرية تعويقية، وتوجهات مقصودة للحط من اقتدار أمة ذات رسالة وعقول مستنيرة متفاعلة مع الأكوان البعيدة.
فهل لنا أن نكون مثلهم ونتجاوزهم؟!!
واقرأ أيضًا:
الصديق المدثر بالنسيان!! / الفترة المظلمة!!