استعادة الصحة النفسية لضحايا الحرب على غزة1
كيف يمكن لسكان غزة التغلب على ما يواجهونه من آثار نفسية بفعل القصف والحصار؟
بالطبع الوضع في غزة وضع صعب للغاية حيث انهارت أماكن السكنى، وانهارت المؤسسات الأمنية والاجتماعية والصحية وتفرقت الأسر والعائلات، ولكن يبقى لهم بعض الأشياء ليحافظوا على بقائهم في هذه الظروف شديدة القسوة، ونذكر منها ما يلي :
تنشيط الجوانب الدينية والروحية:
• فالتصورات الدينية تمنح الضحية معنى للحدث يتصل بمعنى الحياة والموت والابتلاء والصبر والفرج والقصاص في الدنيا والآخرة.
• والجوانب الدينية والروحية تعطي حالة من الصلابة والمناعة النفسية حيث يرى الإنسان كل ما يحدث أنه قدر من الله، وأن لا شيء يحدث في هذا الكون خارج سيطرة الإله العليم الحكيم القادر العظيم الرحيم.
• والتصورات الدينية والروحية تعطي الأمل في الفرج والنصر حتى في أصعب الظروف.
• يخفف مفهوم الشهادة من ألم فقد الأحبة.
الدعم النفساني:
وأهل غزة كلهم في حالة كرب شديد، والمفترض أنهم جميعا يحتاجون للدعم من المجتمع الدولي ومن دول الجوار، ولكن للأسف قطاع غزة محاصر من جميع الجهات ولا تصله المعونات إلا بشق الأنفس وكميات قليلة لا تكفي احتياجاته، ولذا يحتاج المجتمع في غزة أن يقدم بعض أفراده أو ما تبقى من مؤسساته الدعم للفئات الأضعف والفئات الأكثر تضررا.
وتتلخص أهداف الدعم النفساني في التالي:
(1) تخفيف المعاناة النفسية والجسدية.
(2) تعزيز القدرة على التكيف.
(3) الحماية من الاضطرابات النفسية.
أنواع الدعم النفساني:
هناك أنواع عديدة من الدعم وكلها مطلوبة في الحالة الفلسطينية، ومنها الدعم المعنوي، والدعم الاجتماعي، والدعم المعلوماتي، والدعم السلوكي، والدعم المادي، والدعم الديني.
خطوات الدعم النفساني:
- عرف الشخص المصاب بنفسك واشرح له سبب وجودك في مكان الكارثة .
- اسأله عن اسمه وعنوانه وتليفونات أقاربه.
- طمئن الضحية واجعله يشعر بالأمان.
- ساعد الضحية على احتواء الأثر النفسي للكارثة.
- ساعده لكى يلتئم الجرح الذي بداخله .
- حاول أن تحوطه بالعناية الكاملة.
- وفر له الحاجات الأساسية: الطعام والشراب والدفء.
- وفر له - قدر المستطاع - الحاجات الاجتماعية كالاتصال بذويه أو نقله لمنزله .
- أمده بالمعلومات عما حدث وما سيحدث.
التنفيس كوسيلة للدعم النفسي:
وهو يعني التفريغ النفسي للمشاعر السلبية من خلال:
• تذكر الخبرات الصادمة والتعبير عن المشاعر الأصلية المصاحبة لها والتي تم نسيانها أو كبتها.
• الراحة النفسية المصاحبة للحديث عن الأسباب الكامنة وراء الأزمة.
والتنفيس يعطى فرصة للمصابين بالحديث عن خبراتهم المتعلقة بالكارثة مع التعبير عن مشاعرهم تجاه ما حدث، وقد يكون ذلك بشكل فردي أو جماعي، ونسألهم عن: الأفكار التي دارت في رؤوسهم، المشاعر والأحاسيس التي صاحبت الحدث، أفعالهم وتصرفاتهم أثناء وبعد الحدث، وصف أكثر اللحظات خوفاً وفزعاً، الحديث عن مشاعر الفشل أو العار أو الندم، تصور المستقبل وإمكانية العودة للحياة الطبيعية .
وهناك نوع من التنفيس يعرف بالتنفيس الذاتي، ويتكون من:
حديث النفس، النوح، قبول المشاعر واحترامها، قبول الضعف البشري، الشعور بالأمان، الكتابة وتسجيل الخواطر، وجود هدف نسعى لتحقيقه في المستقبل، استبقاء القدرة على الفعل، وأخيرا التحلي بالأمل والتفاؤل.
التأقلم النفسي مع الكارثة :
هناك مجموعة من التعليمات تساعد على التأقلم مع الأحداث الكارثية التي يعيشها أهل غزة نذكر منها:
• من الطبيعي أن نتأثر بالكارثة وهذا ليس ضعفاً أو عيباً
• طبيعي جداً أن ينتابنا شعور بعدم الأمان على أنفسنا وأهلينا أثناء الكارثة وبعدها
• ليس عيباً تلقي الدعم والمساندة من الأفراد والهيئات المسؤولين عن ذلك
• ليس عيباً أن نتلقى علاج لما أصابنا من اضطرابات نفسية نتيجة للكارثة
• تحدث عن أفكارك ومشاعرك مع الأصدقاء والأقارب والمتخصصين
• حاول الرجوع لعملك وأسرتك وأصدقائك وهواياتك وصلواتك في أقرب فرصة ممكنة
• تنشيط شبكات الدعم والربط بينها وتكاملها: مثل الدعم الطبي، والدعم الأمني والقانوني، والدعم الاجتماعي، والدعم العائلي، والدعم الروحي.
• تنشيط الملكات والقدرات الفردية: مثل القدرة على المواجهة والصمود، والإيجابية، والتفاؤل، والثقة بالنفس، والقدرة على التكيف، والتركيز على حل المشكلات وليس على اجترار الأحزان والانفعالات.
• المساعدة على الالتئام النفسي: من خلال محاولة استيعاب الخبرة الرضية في المنظومة المعرفية والوجدانية والروحية للشخص وإعطائها معنى كي لا تترك جراحاً نفسية دائمة أو تتحول لمرض نفسي مزمن أو تؤثر على نوعية حياة الشخص بعد الصدمة.
• المساندة عن طريق الإمداد بالمعلومات والتواصل مع أو الوصول للأهل: إن تقديم المعلومات الصحيحة يساعد الأفراد الذين تعرضوا لأزمه أو كارثة أن يتفهموا الحدث
ويتبع ذلك مساعدتهم على مواجهة الحدث والتكيف معه بشكل إيجابي، ثم مساعدة المصابين على تنظيم وترتيب أفكارهم لاتخاذ القرارات المطلوبة، وأخيرا تسهيل تواصلهم بمصادر المعلومات والمساندة أو تواصلهم مع ذويهم.
• الدعم الروحي: بممارسة بعض الطقوس الدينية مثل الصلاة وقراءة الكتب المقدسة إذا كانت الظروف تسمح بذلك، مع تواجد بعض القادة الدينيين والروحيين في مكان الكارثة، وإعادة رؤية الكارثة من خلال الثقافة والمفاهيم الدينية الصحيحة كي يجد المصابين معنى لما حدث.
• المساندة النفسية لفريق العمل: ومنهم المسعفون العائدون من الموقع، والعمال الذين تعاملوا مع جثث الموتى وأشلائهم، والأطباء، والمتطوعون الذين واجهوا أخطاراً أثناء عملهم.
هل هناك إرشادات نفسية لمن يتابعون مجريات الحرب الإسرائيلية من خارج فلسطين؟
الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أهل غزة تمثل كارثة إنسانية وسقوط أخلاقي مروع ممن يقومون بها ومن يساعدهم أو من يتواطأ معهم، ولذلك يجب على كل إنسان على ظهر الكوكب لديه ضمي إنساني أن يساهم بكل ما يستطيع لوقف هذه الإبادة أولا ثم تقديم الحماية والرعاية للمنكوبين، وهذا يتم بجهود فردية أو جماعية أو جهود دولية (إعلامية، وأخلاقية، وقانونية، وإغاثية، وسياسية، وعسكرية). وقد رأينا التظاهرات والاعتصامات في كل مكان في العالم، ورأينا مبادرات إيجابية من أفراد ومؤسسات ودول بهدف إدانة العدوان عن طريق المؤسسات القانونية الدولية، وإدانته أخلاقيا عبر وسائل التعبير المختلفة، ولكن هذا لا يكفي حتى الآن.
ما أهمية الدعم النفساني وقت الأزمات والحروب؟ وكيفية الحفاظ على الصحة النفسية خلال وقت الحرب؟
والدعم النفساني الذي يتلقاه الفرد ممن تبقى من أسرته أو عائلته أو جيرانه أو أصدقائه أو معارفه أو ما تبقى من المؤسسات المجتمعية يتمثل في حماية الفرد وزيادة قدرته على تحمل الضغوط القاسية التي تواجهه، وتحميه من السقوط في هوة اليأس أو الانهيار أو الاضطراب النفسي، ويمنحه الشعور بالسيطرة على الموقف ويعطيه صلابة يواجه بها الأحداث. والدعم النفساني الاجتماعي أيضا يحافظ على ترابط الأسر والعائلات والمجموعات المختلفة ويمنحها القدرة على الفعل الجماعي ومقاومة عوامل الانهيار، بل ويمنحها القدرة على الاستمرار في مقاومة الاحتلال.
ويتبع>>>>>: استعادة الصحة النفسية لضحايا الحرب على غزة3
واقرأ أيضًا:
الصهيونية على الشيزلونج النفساني! / الصيام.. أوله في النفس وآخره عند الله1