ظاهرة فريدة تفترس الأجيال مفادها أن الماضي حي ومتفاعل، والحاضر والمستقبل بعدان زمنيان مغيبان، أو مفقودان في معادلة الحياة المعاصرة لمجتمعاتنا.
لا يوجد ما يماثلها في مجتمعات الدنيا قاطبة، فهي بنت زمنها وتسعى لغدها الأفضل.
لا يوجد تفسير مقنع للانغماس الوهمي في الغابرات، والتيقن بأن الأمة توقفت عن الحياة بعد ذك، وأنها في أوعية الإنعاش، أو مجمدة في صناديق التحنيط والإتلاف الذاتي. مَن يديم تأجيج المواقد، وحشو الأجيال بالأفكار السقيمة، وإقناعهم بأن واجبهم المقدس الانتقام للغابرين من الحاضرين؟
الوهم قائدنا وقاتلنا، وما تتعاطاه الأجيال وهم جماعي متوارث لا يمكن زعزعته، بل الموت في سبيله والعمل بموجبه، وفي ذلك تكمن الطامة الكبرى.
الوهم نار جحيمية تحرق الأمم والشعوب، وتحتاج إلى مؤججين لها، ومشغولين بسكب البنزين عليها، لكي تحرق الأخضر واليابس، وتمضي في سعيرها اللهاب.
فالحرائق المدمرة الفتاكة فكرية وسلوكية، وما يدور في أروقة مجتمعات الأمة، يصب في أوعية التدمير المبرمج الشامل لجوهرها وهويتها الحضارية، وقيمها وأخلاقها، وما أسهل استعباد الواهمين.
الأمة مدثرة بالأوهام المتنوعة، وتسعى في معاقلها الظلماء المؤدية إلى كهوف الويلات، وخنادق النائبات، وعلى أجيالها تدور الدوائر، ولا يوجد فيها صوت حياة ونداء بناء وانطلاق نحو آفاق المستقبل، بعيدا عن التكبل بأصفاد الماضي المرير.
وهكذا فالأجيال معتقة في قارورة الأوهام، التي تحولت إلى ينابيع غثيان وتضليل وتدمير، وقنوط في قيعان الدونية والتحول إلى رماد تحت أقدام العصور.
فإلى متى سيتواصل بافتراسنا الوهم المتوج بأقنعة التسويق اللازمة لتأمين مصالح الآخرين؟!!
واقرأ أيضا:
المعارضة!! / التصوير بالكلمات!!