أنا من اللواتي لم يشأ الله تبارك وتعالى أن يرزقهن الذرية بعد، ولهذا كنت أصب جهدي على البابين الآخرين الذين سيضيفان إلى رصيد حسناتي الكثير –بإذن الله– بعد موتي وهما: الصدقة الجارية، والعلم الذي ينتفع به.
ويا سبحان الله، رغم أنني لست من ذوات "ولد صالح يدعو له" إلا أن الله تبارك وتعالى شاء لي أن يكون عملي مع الأولاد والذرية، أحيانا تخطر في بالي خواطر غريبة، منها: لو أن كل هؤلاء الطلبة والطالبات أولادي –فأنا اعمل مدرّسة– لكم كنت سعيدة لأنهم كثر، وأكيد حيطلع منهم ولو نصفهم من يتذكرني بعد موتي فيدعو لي.. أنا أتحدث حتى الآن عن مئات الطلبة والطالبات الذين درّستهم..
ولكن، الحمد لله على كل حال، هؤلاء ليسوا أولادي، إذاً فلا أقلّ من أحظى ب "علم ينتفع به"، فلأركز جهودي على هذا الباب..
ولكن الله العظيم يأبى إلاأن يعطينا عطاء من لا تنفذ خزائنه، فقد أكتشف أن لقول النبي "أو ولد صالح يدعو له" معنىً آخر غير معنى الوالدية، وهو:
أن أي طفل أثّرت تأثيراً صالحاً في تربيته من قريب أو من بعيد وسواء كان ابنك او بن الجيران أو ابن أيٍ كان، فهو يندرج تحت قول النبي، ويكون بمثابة ولدك الذي سيُجعل دعاؤه لك بعد موتك في صحيفة أعمالك..
يااااااااااااااااااه.. ما أكرمك ربي وما أوصلك..
إذاً أستطيع اعتبار هذه المئات التي درّستها بمثابة أولادي وبناتي، وبهذا أكون قد كسبت فيهم رافدين لحسناتي بعد موتي وهما:
العلم الذي ينتفع به، والولد الصالح الذي يدعو له. نسأل الله القبول..
كنت فيما مضى أعتبر مهنتي وهي التدريس بمثابة "الدعوة إلى الله"، ولكنها الان اصطبغت بلون جديد وهو لون: التربية أيضا..
طيب، ماذا لو عكسنا الوضع: أنا أدرّس دعوة إلى الله + تربية صالحة.
ماذا لو اعتبرت الأم تربيتها لأبنائها تربية صالحة + دعوة إلى الله؟
هل فكّرت عزيزتي الأم أن تصبغي أنت أيضاً تربيتك لأبنائك بلون الدعوة إلى الله؟؟
وتعتبري أن أولادك هم استثمارك الرابح –بإذن الله– مع الله عز وجل؟؟
عندما كنت أدرّس من منطلق الدعوة إلى الله، كنت أرفق بالطلبة وأحاول ان أبذل كل جهدي لأكون داعية جيدة: أبشّر ولا أنفّر، أعمّر ولا أدمّر، ولكنني حين اضفت منطلقي الجديد وهو:
التربية، تلوّنت دعوتي بلون جديد وهو: الحنية، حنية الأم.. فأصبحت أطول بالا، وأكثر حباً حتى للمستفزّات من طالباتي، وبالتالي أصبحت أقدر على التعامل معهن..
ماذا عنك عزيزتي الأم؟
بحكم كونك أما فانت حنونة على أطفالك، ولكن ماذا لو جعلت تربيتك لهم دعوة إلى الله؟ ما الذي سيضيفه ذلك إلى علاقتك بهم؟؟ كيف ستغدو عصبيتك عليهم؟
وكيف ستنظرين إليهم بعد الآن؟ وما الذي ستفعلينه لتجعلي هذا الاستثمار رابحاً مع الله عز وجل؟
أنتظر إجاباتك.. باب الحوار مفتوح لكل من تحب ان تشارك برأيها أو بتجربتها..
ودمتم سالمين
اقرأ أيضاً :
قواعد الصحة النفسية للطفل(4)/ حتى نعْدل إن عاقبنا/ مفهوم اللغة في حياة الطفل