كثيرا ما تكلمنا على موقعنا مجانين وخاصة على باب استشارات الموقع عن العلاج السلوكي، فتجد من يوجهك إلى أنك بحاجة إلى نوع من أنواع العلاج النفسي يطلق عليه العلاج السلوكي أو المعرفي أو كليهما، ولكن ما هو هذا النوع من العلاج وما هي خطواته وأساليبه؟ هذا ما سنتناوله في المقال الحالي... يهدف العلاج السلوكي إلى تغيير سلوك غير مناسب حيث يكون الدليل على نجاح الإرشاد هو حدوث تغيير في سلوك الإنسان وتصرفاته يمكن قياسه أو رؤيته، ويعتمد العلاج السلوكي على نظرية التعلم وهي أحد أشهر النظريات في علم النفس، وتتبنى هذه النظرية فكرة أن كل منا جاء إلى هذا العالم وعقله صفحة بيضاء، وبالتالي فإن كل ما لدينا من قيم واختيارات واستجابات انفعالية وطرق للتفكير... كل ذلك نتيجة للتعلم، فالسلوك الإنساني شيء متعلم ويعتمد في استمراره على المجتمع الذي نعيش فيه ومن ثم يمكن تغيير هذا السلوك.
أهداف الإرشاد السلوكي
يهتم المعالج النفسي الذي يستخدم هذا النوع من العلاج بتحديد أهداف واضحة يريد الوصول إليها في نهاية جلسات العلاج، فيحدد سلوك معين يأمل العميل في التخلص منه (مثل التخلص من الخوف من الأماكن المرتفعة) أو اكتساب تصرف معين (مثل تأكيد الذات).
ويركز المعالج السلوكي عمله على تغيير السلوك دون تكريس أو تخصيص وقت طويل لفهم طفولة المريض مع والديه أو مع أصدقائه، وتعتمد فكرة التغيير في السلوك على مبادئ التعلم، فيعمل المعالج على تشجيع المريض لكي يتصرف بطريقة مختلفة، وأخيراً يتم قياس وتقييم أثر التدخلات السابقة ويمكن عمل تغييرات وتبديلات في خطة العلاج حسب المطلوب.
بعض أساليب العلاج السلوكية:
يوجد كم هائل من الأساليب التي يستخدمها المعالج النفسي السلوكي، ومن أهم هذه التكنيكات السلوكية التي تعمل على زيادة أو التقليل من تكرار سلوك معين ما يلي:
1- التعزيز الإيجابي: Positive Reinforcement
يأمل المعالج أن يكافئ السلوك المناسب بمكافئته للعميل، فإيماءة بالرأس أو ابتسامة تعمل على تعزيز العميل إيجابياً من ناحية الكلام والثقة والانفتاح. ونجد أن ذلك ما يحدث للطلاب في الفصول المدرسية سواء أكان يحدث تلقائياً أم بطريقة مقصودة، وقد يحصل الطلاب على مكافآت على شكل درجات أو مزايا أخرى.
ويتضح دور المعالج كالآتي:
(1) تحديد السلوك الذي يحتاج إلى تحسين.
(2) تحديد المكافآت التي تتناسب مع صاحب المشكلة.
(3) تقييم التعزيز الإيجابي بمجرد تحقيق الهدف السلوكي.
(4) إبعاد العميل تدريجيا من الاعتماد على التشجيع الخارجي لصالح التعزيز الداخلي المقدم من داخله.
2- التعزيز السلبي: Negative Reinforcement
يؤدي التعزيز السلبي أيضاً إلى زيادة السلوك المرغوب فيه، كما تستعمل أساليب العقاب لتقليل تكرار سلوك معين وذلك بتقديم مثير مزعج، ويلجأ كثير من المربين والمدرين إلى هذه الطريقة رغم أنها تؤدي عادة إلى آثار جانبية لدى الأطفال مثل الانسحاب والعدوانية والخوف.
3- الانطفاء: Extinction
ويعني وقف التعزيز عن استجابة سبق تعزيزها، فتجاهل ثورة غضب الأطفال تجعلهم يقللون من سلوك الغضب ويتوقفون عنه، ولكن التجاهل ليس هو الحل المثل فسلوك الغضب لدى الطفل يمكن أن يقل في تكراره ويرجع مرة أخرى إلى مستواه الذي كان عليه قبل التعزيز، لذا يجب أن نضع في اعتبارنا عاملين عند استخدام أسلوب الانطفاء وهما:
1- بعد إزالة التعزيز يزداد السلوك غير المناسب بشدة (غضب الطفل مثلاً) ثم ما يلبث أن يقل.
2- عند استخدام الانطفاء لابد أن يكون بانتظام واستمرارية، فإذا استخدمه المدرس لابد أن يستخدمه الوالدين أيضاً لإطفاء نفس السلوك.
4- التشكيل: Shaping
ويعني إكساب أو تعلم سلوك جديد، ويمكن استخدامه في تدريب الأطفال الصم على إخراج الحروف وكذلك حالات اضطراب النطق. ففي البداية يقوم المعالج بتعزيز استجابة إخراج الصوت التي تصدر عن الطفل، ثم يدرب الطفل على التمييز بين الأصوات المناسبة وغير المناسبة، فيعزز استجابة إخراج حرف من الحروف كما أصدره المعالج.
ويستخدم التشكيل عادة لتكوين سلوكيات منفردة بحيث أن تتابعها يؤدي إلى سلوك متكامل مثل ارتداء الملابس.
5- إزالة الحساسية المنظم Systematic Desensitization
يستخدم هذا الأسلوب العلاجي في حالات مثل التخلص من القلق والخوف، وتقوم فكرة التخلص التدريجي أو المنظم من المخاوف على أساس أن يكتسب الإنسان –الذي يخاف- استجابة جديدة مضادة للخوف أو القلق وبالتالي يمكنه الاقتراب مما يسبب له الخوف بالتدريج إلى أن تنتهي استجابة الخوف أو القلق لديه.
ويشتمل هذا التكنيك على:
(1) تعليم العميل مبدئياً كيفية الاسترخاء فيتحدث المعالج بصوت هادئ ويطلب من العميل أن يرخي كل عضلة في الجسم، وبعد أن يصل العميل إلى حالة استرخاء كامل ثم ننتقل إلى الخطوة الآتية.
(2) إعداد مدرج للقلق وذلك بتعديد المثيرات المولدة للقلق ثم ترتيبها من المثيرات الأقل إقلاقاً إلى الأكثر إقلاقاً.
(3) بعد أن يصل العميل إلى حالة من الاسترخاء يتخيل أقل المشاهد المخيفة دون قلق، ثم مشهد آخر أكثر إثارة للخوف، وهكذا كل جلسة حتى يتعلم كيف يثبط قلقه.
نقد الاتجاه السلوكي:
النقد الذي عادة ما يوجه للاتجاه السلوكي هو تركيزه على السلوك الإنساني الملحوظ وإغفاله للأفكار والمشاعر والتي تشكل جزءاً هاما من الوظيفة الشخصية، إضافة أن هذا الاتجاه يتعامل فقط مع الشكوى الواضحة والتي قد تكون عرضاً من أعراض صراع نفسي موجود بالفعل، ويرى كثير من علماء النفس أن علاج الأعراض فقط يؤدي إلى ظهور أعراض أخرى لأن البيئة الداخلية لم تتغير، ومن النقد الموجه لهذا الاتجاه أيضا أنه يقلل دور العلاقة العلاجية ويتجاهل قيمة فهم الذات في عملية التغيير.
المراجع:
داليا عزت مؤمن (2004). الأسرة والعلاج الأسري. القاهرة : دار السحاب.
داليا عزت مؤمن (2000). فاعلية برنامج إرشادي لحل بعض المشكلات الزوجية لدى عينة من المتزوجين حديثاً. رسالة دكتوراه، كلية الآداب- جامعة عين شمس.
Patterson, L.E., and Eisemberg S. (1983) : The counseling process. (3rd ed.) London : Houghton Miffling Company.
Pines, A.M. (1996) : Couple burout. Causes and cures. N.Y.: Routledge.
اقرأ أيضا:
العلاج الزواجي السلوكي/ العلاج المعرفي/ العلاج النفسي الأسري (1)/ الدعم النفسي.. لأصعب حرب(6)