المشهد الأول:
كانت نور تقف عند مرحلة مهمة من فكرة رسالة الماجستير، ولم يكن لديها أعصاب قوية كي تدخل في صراعات جانبية تستهلك منها أي جهد، خاصة وأنها كانت تعد فعليًا للسيمينار الحقيقي المنتظر عقده في كليتها الأم والذي يتحدد من خلاله الكثير من الأمور، وفي هذه الأثناء الصعبة نفسيًا ووقتيًا، فقد استهلك صراعها مع العميد قهري عامًا تقريبًا، مما جعلها في صراع قاتل مع الوقت ولم يكن الوقت في صالحها أبدًا.. وفي هذه الأثناء جاءت الأحداث على النحو التالي:
*في صباح أحد الأيام فوجئت بالاصطباحة السودة.. فأول ما دخلت الكلية وجدت العميد د. قهري في وجهي.. طبعًا قلت في سري يا فتَاح يا عليم يا رزاق يا كريم.. أدي أول النهار.. أمال آخره هيكون ازاي؟ المهم.. فتكم في الكلام.. لاقيته بيبص لي بنظرات ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي يأمر بشن غارة جوية على الفلسطينيين العزل.. وقال:
- نور.. أنا عوزك في مكتبي.. (يا نهار ألوان.. يبقى في عكننة ثاني.. مذبحة جديدة.. الله يخرب بيتك..!)
- حاضر يا دكتور قهري.. متى؟
- بعد ربع ساعة.
-أوكي .
طبعًا طلعت على مكتبي الأول أشرب حاجة لأن ريقي من الكلمتين دول نشف.. وبعدين الواحد قبل ما يدخل حجرة التعذيب "قصدي حجرة مكتب العميد" لازم يشرب حاجة عشان ريقه ودمه كمان هينشف جوه.. فعشان يبقى في مناعة..
وبعد مرور ربع ساعة نزلت للسكرتيرة وقلت لها تبلغه إني بره، دخلت قال لها: كمان ربع ساعة.. ولما مرت الربع ساعة قلت لها: تفكره فكرته.. قالها كمان ربع ساعة.. والربع ساعة بقت ساعتين.. آخر ما زهقت قلت للسكرتيرة أنا في الكافيتيريا لما يفتكرني بلغيني..
وطبعًا رحت أشرب حاجة واثنين استعدادًا للمعركة الحربية.. لحد ما لقيت السكرتيرة ندهت عليا.
دخلت المكتب برجلي اليمين وأنا بسمي.. لاقيته هادي جدًا.. قلت خير مش عوايدك يعني.. لأ اندهشت أكتر لما قال لي: اتفضلي اقعدي يا نور.. (إيه دا إنت هتصاحبني ولا إيه يا جدع انت..؟؟) ..المهم قعدت.. وبدأ هو الحديث:
- شوفي يا نور.. إحنا محتاجين حد يتولى أمور الجريدة التي يحررها الطلبة..
- لكن هناك صحفية تقوم بهذه المهمة بشكل ثابت وتعتبر موظفة فعليًا في الكلية.
- لا لا لا.. دي مشيت وأنا عوزك تمسكي مكانها..
أنا طبعًا ما فهمتش هو قصده إيه بالضبط.. لأن الصحفية اللي كانت ماسكة الجورنال دي كانت موظفة وما فيش معيدة قبل كده أسند لها مهمة تعتبر إدارية.. فسألته بشكل محدد:
- حضرتك قصدك إيه بالضبط؟ رد هو بانفعال وصرامة شديدة:
- يعنى تتركي العمل الأكاديمي وتتركي أمور التدريس وتنسي وظيفة معيدة هذه، وتكوني موظفة إدارية..
أنا طبعًا تنحت.. يعنى أنت مش عايزيني بأي شكل.. مش كفاية متأخرة في الرسالة بسببك؟؟ لأ كمان مش عايزني أكمل أصلاً؟؟ إيه الجبروت ده؟ حد قالك قبل كده إنك مفتري وأخرتك سوده..؟؟ بجد أنا بكرهك...بكرهك فعلاً..
- هببت من مقعدي بحدة، وأجبت بحدة مثلها: أنا مستعدة أقبل أي مهمة تستند لي في إطار المسمى الوظيفي الذي أنا من أجله هنا، والذي تم اختياري للعمل بيه هنا، ثم تم تعييني على أساسه.. أما أي شيء آخر خارج هذا.. فيؤسفني عدم قبوله لأنه ليس عملي..
طبعًا سحنته أتقلبت.. ووشه عفر.. وقال بحدة أكبر:
- فكري بالراحة وأبلغيني بالأمر..
- لا أعتقد أن الموضوع بحاجة إلى تفكير.. الموضوع واضح في ذهني تمامًا.. لن أترك عملي الحالي..
وكرصاصة مندفعة تركت المكتب..
**********
المشهد الثاني:
في حجرة مكتب العميد وأثناء اجتماع القسم معه للقيام بعمل ما يتعلق بالقسم، كان العميد يتحاشى النظر لي نهائيًا، وكنت أنا صامتة تمامًا ولا أعلق على أي شيء مما يقال أثناء الاجتماع، حتى فوجئت به هو ينظر لي فجأة قائلاً:
- أنا الحمد لله ما فيش حاجة تستخبى عليَّا.. يعني أنا مثلاً عارف إن نور راحت اشتكتني عند الأمين العام للمجلس الأعلى للجامعات.. ثم ابتسم بثقة عجيبة وبتشف غريب وقال: ثم أنني لو جاءوا للتحقيق معي سأعرف كيف أدافع عن نفسي..
بادلته ابتسامته المتشفية الواثقة بأخرى باردة صفراء.. أثارت دهشة زملائي ولم يفهموا العبارة إلا حينما حكيت لهم أنني توجهت لمكتب الأمين العام للمجلس الأعلى للجامعات والذي أخبرني أنه سيتخذ موقفًا ما لهذه المهزلة..
*ملحوظة على جنب.. خذوا بالكم منها كويس أوي:
كشفت الأحداث عن أن هذا الرجل المحترم "أمين المجلس الأعلى للجامعات".. صديق شخصي للعميد جنرال د.قهري.. ههههههههههههههههههههههه.. وطبعًا واضح إيه اللي حصل "نشنت يا فالح.. (مع الاعتذار للقدير ستيفان روستي).. ومش عارفة من الشاعر الجميل اللي قال "آه يابلد يامغلباني.. نزرع القمح في سنين.. تطلع الكوسة في ثواني...!"
**************
المشهد الثالث:
في حجرة العميد قهري أيضًا.. (إيه الحكاية انتم بتوفروا في الديكورات عشان الإنتاج ولا إيه..؟ آه طبعًا أصل المنتج مفلس يا جماعة معلش..!!)
الحضور كان العميد د.قهري.. ود.كيداهم أحد أعضاء مجلس العصابة أقصد الإدارة، وعم عبد المأمور أمين الكلية..
دخلت المكتب لأوضح له أن المهمة التي أسندها إليَّ من تدريب الطلبة على طباعة الجريدة لن تكتمل بسبب وجود أعطال في الشبكة.. وفوجئت بعاصفة من الهجوم ولا عاصفة الصحراء التي أطلقتها القوات الأمريكية على العمليات العسكرية التي شنتها على العراق في حرب الخليج الثانية بقيادة أبو جورج (جورج بوش الأب).. قال العميد:
- أصل المعيدين اللي عندنا دول مايعرفوش يعملوا حاجة.. حتة تدريب مش عارفة تكمليه زي الناس...!
والدكتورة العزيزة طبعًا بتطبله د.كيداهم.. قالت بقرف شديد زى ما تكون حامل وبتتوحم!!: - إيه ده..؟ هم المعيدين اللي عندك مالهم كده؟؟ وبصيت لي بقرف: إنتي تقديرك إيه؟ رديت بكل برود: جيد جدًا.. وكنت الثالثة على الدفعة.. تحبي تشوفي الملف يا ضكطورة؟ طبعًا دمها أتحرق.. لكن العميد كمل وصلة الردح القهري بتاعته.. المهم إنتي مش عارفة تتصرفي.. إنتي مش..
قاطعته بانفعال: على فكرة يا دكتور قهري حضرتك بتقول إني مش عارفة اتصرف.. أنا على فكرة لسه واخدة جائزة من يومين و..
قاطعني وكأن ثعبان الكوبرا قرصه -المفروض بعد القرصة دي يموت بقى ويريحنا-
- جائزة.. وازاي تتقدمي بعمل من غير ما تقولي لنا وتبلغينا هنا؟
- هذه جائزة أدبية وليس لها علاقة بالعمل.. و..
- لابد أن تقولي وإلا أحولك للتحقيق.. (يا نهارك اسود.. تحقيق إيه يا منيل إنت؟؟ والله لأحرق دمك..!)
-رديت أنا ببرود فظيع: أمال حضرتك ما قلتش ليه كده لما أخذت جايزة العام الماضي.؟
جن جنونه وقال: جايزة إيه؟
-اللي كانت من موقع على الإنترنت.. دا حتى حضرتك هنأتني بهذا.. إديتني شكولاتة..!
"شكولاتة.. أصل أنا زي حمو ما بجيش غير بالشكاليتة...!!!"
انتهت المقابلة بمجموعة جديدة من الأوامر القهرية المستفزة بأني لازم أضرب الأجهزة بالجزمة عشان تطبع مع إن البرنامج اللي عليها لا يمكن يطبع في يوم من الأيام.. نقوله طور.. يقولوا احلبوه..!!
************
المشهد الرابع:
في حجرة الاجتماعات.. جلست أنا في انتظار المستشار القانوني للكلية..
جاء الأخير بصحبة مسئول شئون العاملين بالكلية.. الذي كان متجهمًا!
إن إن إن... (موسيقى تصويرية تعطي إحساسًا بالخطر)
قمت من مقعدي ورحبت بالدكتور المستشار القانوني: أهلاً يا دكتور "أبو التساهيل الخصوصي".. الحقيقة كان نفسي أتعرف على حضرتك في ظروف أحسن من كده.. مش في تحقيق رسمي..!!! (أصلي نسيت أقول لكم إن موضوع التدريب انتهى إن العميد حولني للتحقيق.!!).. مش حضرتك برضه دكتور أبو التساهيل الخصوصي العميد السابق لكلية الحقوق بجامعة........؟
الراجل يا جماعة بالبلدي كده و زي ما يقولوا كان راجل "عقر".. رغم إني أول مرة أقابله وعمري ما سمعت عنه ولا هو يعرفني إلا إن ما ظهرش عليه أبدًا إني عارفه اسمه ووظيفته السابقة.. لقيته ابتسم بهدوء وقال: والله كويس.. جاى أحقق معاك تحقيق رسمي ألاقيك عارفة اسمي ووظيفتي..
رديت بثقة: طبعًا.. ياجمعة إنت بتتعامل مع أذكى جهاز مخابرات في العالم!!. "من مسلسل دموع في عيون وقحة" (طبعًا أنا قلت كده في سري).. رديت بثقة قائلة: هذا طبيعي.!
استمر التحقيق ما يقرب من ساعة إلا ربع الساعة.. لم يتمكن المستشار خلالها أن يستفزني والحمد لله..!! وانتهى التحقيق وكنت راضية عن إجاباتي تمامًا.. وكان عليّ أن أنتظر نتيجة التحقيق التي جاءت بعد أسبوعين كاملين..
تترات النهاية:
*انتهى التحقيق بخصم يوم من المرتب من نور شمس الدين، وإرفاق الجزاء بملفها في الكلية!!
*حصلت نور على جائزة أدبية من موقع عربي على الإنترنت عن قصة قصيرة جدًا بعنوان "حوار مع القمر"! خلال صيف 2002.
*حصلت نور على جائزة أدبية عن مقال من أحد الكتاب، والخاطرة بعنوان "من أوراق شابة حزينة". وهذا خلال عام 2003.
*تم نقل عمل نور ومكتبها من حجرة المعيدين إلى مختبر الزعبلون "التطور الطبيعي لمختبر الفوتون".. أكيد كنتم تتابعون كارتون الأطفال مازنجر..! "يعنى معمل الكمبيوتر".
*ظلت نور بلا مكتب فعلي ولا مكان تجلس فيه لأن مكانها أصبح في مختبر الزعبلون الذي لا يكاد يخلو من المحاضرات والطلبة!! وهذا لمدة عام كامل..!! يا صبر أيوب.!!
*تم تحويل نور للتحقيق للمرة الثانية خلال شهر واحد بسبب رفضها قبول تولي عهدة أجهزة الزعبلون "25 جهاز كمبيوتر والتي يبلغ قيمتها ما يقرب من نصف مليون جنيه".. يعنى لو حصل حاجة يا الدفع يا الحبس..!!
*بعد توسط أكبر عدد ممكن من الزملاء والدكاترة وعم أمين "مش بتاع التأمين!" في الكلية بين نور والعميد د.قهري طواعية وبدون طلب أي الطرفين.. تم الاتفاق على قبول نور التوقيع على العهدة.. مقابل سحب الجانب الإسرائيلي الدبابات ووقف القصف الصاروخي والتراجع خارج المناطق السكنية.. أقصد مقابل سحب القرار بالتحقيق..!
*موافقة مجلس العصابة –أقصد الإدارة- على تحويل نور إلى وظيفة إدارية تبعًا لاقتراح الدكتور العميد د.قهري.. في حالة عدم حصولها على درجة الماجستير في الوقت المحدد لها بعد تعطيلها واستنزاف الفترة فعلاً في الصراعات السابقة..!!
*نور شمس الدين تتقدم باستقالتها من المكان الموبوء الذي حقق الرقم القياسي في حرق دمها والعكننة عليها، بقلب مستريح غير آسفة.
*نور شمس الدين تنهى فعليًا الماجستير ويتبقى لها كتابة النتائج النهائية.
*نور تتفرغ للعمل الصحفي، بعد أن كانت تقوم به موازيًا مع العمل الأكاديمي.
على هامش المذكرات:
*ما عرضته من سلبيات بعض شخصيات الأحداث لا يعني أنها شريرة، ولكنها تحمل حتمًا في قلبها خيرًا ما؛ لا أعلمه ولكنني لم أصادف منها سوى الوجه القبيح.. والذي ظهر واضحًا في الأسماء التي أطلقتها عليها.. والتي تحمل جزءًا من شخصياتهم.
*لقد علمتني التجربة أنه حيثما كنا، وأينما ذهبنا، فإن الكنز الحقيقي هو حب الآخرين لنا.. مهما كانت مرارة الألم.
*علينا أن نتعلم أن دورة الحياة مستمرة دائمًا وستستمر أبدًا.. ومكاننا فيها لا يكون واحدًا على طول الخط. لكن يمكننا أن نحدد ثبات الهدف والرسالة مع اختلاف الزمان والمكان.
*احتمال هزيمتنا في معركة.. شيء وارد جدًا.. وخير لنا أن نهزم بشرف وضمير، على أن ننتصر بجبن وبلا أخلاق. فقط علينا أن ندرك تمامًا أنها ليست نهاية العالم.
*تحويل الهزيمة إلى نصر، مسألة شخصية تمامًا، وأمرها يرجع لنا وحدنا وليس للآخرين ولا للظروف، فقط علينا أن نتخذ القرار بثقة.
في النهاية تبقى كلمة:
من ملامح التخلف في العالم العربي:
*قتل روح الابتكار لدى النشء وتثبيط همم المبتكرين والمبدعين وسيطرة متوسطي الأداء وأنصاف الموهوبين على المراكز الحساسة بعد أن لفظت -أو لفظها- معظم المنجزين وأصحاب الفكر الأصيل.. د.نبيل علي.. من كتاب العرب وعصر المعلومات.
* كلمة المخرج:
إن أحداث هذه القصة حدثت ولا تزال تحدث ويحدث أكبر منها وسيحدث أكثر منها لأن هذه طبيعة الحياة!
موسيقى النهاية
نوووووووور
Walaa2012@hotmail.com
***************
الحقيقة أنني أحترم الرأيين تمامًا وأعتقد أنها وجهات نظر تمثل انعاكاسات على نمط الحياة وطريقة التعامل مع المواقف المختلفة..
بصوا يا جماعة..
أنا الأول كنت متخيلة إني أنا اللي هنتصر يعني أنا اللي هنتصر لأني أنا اللي على حق واللي على حق عينه قوية.. ومؤمنة بشدة أن الله ينصر الحق.. وأن الشر عمره قصير.. مهما بدا لنا العكس.. ولابد للإنسان ألا يستسلم أمام مشكلاته وألا ينسحب لأن الانسحاب ضعف.. لذلك لم أسافر للندن مثل إحدى زميلاتي لتحضير رسالتها في جامعة إنجليزية.. أو أقدم استقالتي عند أول محك كما فعلت أخرى.. وإنما كنت مصممة على الاستمرار وعدم الاستسلام أبدًا.. فالله تعالى يقول: "إنَّا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد" (غافر:51).. يعني النصر لي في النهاية وكنت أتعامل من هذا المنطلق.. لكن لم أدرك أن هذا النصر يأتي في غير الوقت الذي أريده أنا -ولا أريد أن أقول أنه يأتي متأخرًا- فكل شيء يحدث في وقته المناسب تمامًا لا قبل ولا بعد الوقت المناسب تمامًا.. ببساطة فضلت أحارب وأقاوم أربع سنين..!
أربع سنين بسمع فيهم كلام من قبيل: "يا بنتى إنتي ما بتزهقيش؟ إنتي ما حرمتيش؟ وانتي مالك؟ إنتي هتغيري الكون؟".. لكني في النهاية كنت دائمًا أحصل على احترام وتقدير من وجه لي هذه الكلمات، وكأنه يقول إنني أتخذ الموقف الذي يتمنى لو يتخذه هو ولكنه لا يستطيع أن يفعل.!
أربع سنين وأنا بيتحرق دمي.. وبقاوم انهيار أخلاقي أنا وضميري أنا.. وسط كل هذا.. فهناك الكثير من الأمور التي لا يمكن الإفصاح عنها..!
أربع سنين وأنا أحاول أن أقنع نفسي أن الفساد لم يصل للوسط الأكاديمي بعد، وأن الفساد لم يتعد حدود المحافظين ورؤساء مجالس إدارة البنوك والشركات القومية في البلد، ولم يصل للوسط الجامعي بعد..!
لقد وجدت أنه لا طائل من تبديد طاقتي وجهدي ووقتي في صراعات سخيفة لا طائل منها ولن يكون لي الغلبة فيها أبدًا.. وأنه من الأفضل لي ولرسالتي التي تحتاج مني مزيدًا من التركيز والجهد والوقت فالموضوع ليس سهلاً، والتخصص الذي اخترته "الإخراج الصحفي" مجال بحثي صعب بطبيعته، وهذه حقيقة، ومن الأفضل لي أن أنسحب بأقل الخسائر الممكنة.. ووجدت أنني أفضل أن أهزم بشرف.. وبعدين ازاي أشتغل الرسالة أصلاً وأنا مشتتة في صراعات تستنزف الكثير من وقتي وجهدي وأعصابي.. كان الأمر أشبه بالعبث.. يعنى بجد يا جماعة الجزء اللي اشتغلته أثناء المعارك الشديدة هذه في هذا المكان مع د.قهري.. طلع زي الزفت.. وبعدل كتير فيه حاليًا.. والحمد لله إن الجزء دا نظري مش الميداني ولا التحليلي اللي هو جوهر الموضوع كله..
كان هذا القرار أفضل الاختيارات المتاحة.. فطالما أن الإنسان يمكنه أن يختار فهذا يعني أنه يستطيع أن يستمر.. وأنا اخترت أن أستمر.. الحقيقة دلوقتي أنا افتكرت فيلم لتوم كروز من أفضل الأفلام اللي الواحد شافها اسمه Good Few Men.. وديمي مور.. الفيلم ذا قديم شويه بس حلو جدًا.. كان فيه جملة قالها توم كروز لمجند في الجيش الأمريكي تم فصله من الخدمة قال له: لست بحاجة لهذه الرقعة على كتفك (يقصد رتبته العسكرية) كي تتمكن من خدمة بلدك!.. فالمسالة فقط بحاجة لإعادة تفكير.. وإعادة تقييم الموقف.. هو أنا عايزة إيه من الجامعة؟؟ وإيه اللي أنا بعمله في حياتي..؟ وجدت أن هدفي ممكن تحقيقه من مكان مختلف.. بصورة مختلفة لكنه يبقى في النهاية نفس الهدف.. يعني إحنا عندنا تخيل إن الطبيب أفضل من السباك مثلاً أو أي حرفي يشتغل بيده.. مع إن الإتنين مهمين.. وقد يكون السباك لو عنده ضمير ومحسن في عمله أفضل وأنفع للمجتمع من الطبيب.. وهكذا...
وبعدين أنا بكمل رسالة الماجستير فعلاً واللي ما كانش ممكن أبدًا أكملها وأنا في عملي الأكاديمي للأسف، وهاكمل إن شاء الله الدكتوراه حتى لو مارجعتش الجامعة ثاني.. آه أتمنى أرجع الجامعة ثاني.. بس ساعتها هيسبق اسمي حرف الدال! مش عشان أي حاجة غير عشان أنفذ اللي بتمناه من منهجية وتفاصيل منهج.. وعشان إحنا بلد شهادات زى ما يقولوا للأسف.. يعني ممكن تكون ما تعرفش حاجة في الدنيا بس معاك دكتوراه تبقى أنت اللي بتفهم كل حاجة.. ومش ممكن حد يعارضك..!
المهم يا جماعة أنا مستريحة جدًا.. بعد القرار دا لأني مقتنعة تمامًا بما أفعل.. وأنا كدا كدا بعمل حاجة أنا بحبها جدًا فلدي عشق خاص للكتابة.. لا يمكن أن أصف كل هذا الحب، ولا يمكن أن أصف ذوباني بين الحروف والكلمات.. فدخولي كلية الإعلام كان من أجل قسم الصحافة، ودخولي قسم الصحافة كان من أجل أن أكون صحفية ودخولي العمل الأكاديمي كان شيء غير متوقع تمامًا.. لأني كنت بذاكر زى أي طالب جامعي في الآخر، في آخر أسبوعين.. أعمل إيه ما عرفتش ما كونش شاطرة..!
أنا عارفة إني رغيت أوي المرة دي.. بس بجد أنا بفضفض معاكم شويه لأني حاسة فعلاً إني بين أخواتي وإذا كانت المذكرات المجنونة لفتت انتباهكم وأثارت اختلاف في الرأي.. فكان عليّ أن أوضح بعض النقاط.. لاستجلاء الحقيقة.. وفي النهاية في خبر أخير.. أن هذه المذكرات فازت بجائزة أفضل موضوع مقروء من حيث عدد المشاهدات، وكانت سببًا في فوز كاتبتها بلقب أفضل عضو.. في منتدى أدبي "أرض الشرق".. والذي فاز بالمركز الأول بين المنتديات العربية على الانترنت في عام 2002.
وأنا بهذا لم أغلق باب المناقشة ولكني بحاجة للتعرف على مزيد من وجهات النظر.. حول الموضوع.. "وأنا الحقيقة لسه فيّا نفس أتكلم ثاني.."
كل تحياتي الخالصة
واقرأ أيضاً:
زينة المرأة ليست للإغراء مشاركة5/ من مذكرات شابة مجنووووونة.. الجزء الأخير/ في مربع ضيق..!/ مذكرات شابة مجنونة(5)/ مذكرات شابة مجنونة(4)/ القدس... نزور؟ ولا ما نزورش؟/ حينما توصلنا الفلسفة إلى العبث!/ في الماراااثون!