مساء الخير...
أعزائي المشاهدين.. مشاهدي القناة الدولية لحقوق الفرد الحُر.. في تمام الساعة الواحدة نلتقي بالكاتب الكبير/ سلام الكبير!
في تمام الساعة الثانية و5 دقائق! ننتقل على الهواء مباشرة لنقل الحدث الكبير؛ مؤتمر الأمة الدولية للفرد الحُر في عصر المعلوماتية والحرية الشخصية..
يغلق التليفزيون
شاب يجلس في غرفة معيشة فاخرة.. أثاث حديث جدًّا لدرجة الغرابة!! الوقتُ نهارًا.. تستطيع أن ترى ضوءَ الشمسِ يخترقُ ذلك الزجاجَ النظيفَ البرَّاق.. ليرينا شاطئًا فائقَ الروعة..
يقوم الشابُ من مكانه ليتجه نحو الزجاجِ البرَّاق.. يقوم بفتح الزجاج.. يتمايل شعرُه الأسود الغير ممشَّط إلى الخلف.. نرى فقط كشبحٍ من ملامِحه ولا نرى وجهَه بالكامل.. يتنهدُ في راحة.. فجأة يأتي طَرْق من الخارج! ينظر خلفَه فجأة!
يفتح البابَ لنرى سيدةً أنيقة ترتدي فستانَ سهرةٍ أسودَ شديدَ الرومانسية!
السيدةُ: لن أتأخرَ كثيرًا.. فقط عشاءُ عَمل.. ليس أكثر..
تتحدث وهى تتجه نحو ذلك السرير.. ليست هي نفس الغرفة.. نجدُها غرفةً ضيقةً جدًّا.. تعمُّها الفوضى.. نرى الشابَ نائمًا مستلقيًا على السرير..
الشابُ: ولكنْ..
تجلس بجوارِه.. تقبِّله من جبينه..
السيدةُ: لا لكنْ!! لا تقلقْ.. لن أتأخر..
تسرعُ السيدةُ إلى الخارج وهى ترددُ وصوتُها يبتعد..
السيدةُ: حسنًا أنا قادمة..
(يُغلَق البابُ)
ندورُ في الغرفةِ بهدوءٍ لنجدَ لا شيء! فقط أربعةُ حوائطَ بيضاءَ اللون.. والشابُ مستلقٍ على الفراشِ.. أبيضُ هو الآخر!!
نتجه نحوه سريعًا.. نرى وجهَه.. عينان مُغْلقتان.. أنفٌ طويلٌ بعضَ الشيء ولكنه جميلُ الهيئة.. بشرةٌ خمريةٌ.. نستطيع أن نرى بعضًا من قطراتِ الماءِ على جبينه وشعرَه يتطايرُ إلى اليمين.. نبتعد لنراه يرتدي ملابسًا قديمة؛ رداءً مثلَ الجلبابِ وشالاً عليه.. ماسكًا بعصا يستندُ عليها يقفُ على..!
نبتعدُ سريعًا لنراه يقف فوقَ جبلٍ عالٍ في صحراءَ ليست قافرةً.. فكلما ابتعدنا نرى ونسمع أصواتًا مختلفة.. هتافاتٍ تتعالى! حشودًا كثيرة ساجدة على الرمال ترفع أيديها إلى السماء.. التي امتلأت بالغمام.. يسجد سريعًا الشاب.. ونرى وجهَه كاملاً ينظر إلى السماء.. ثم يبتسم ببطء.. لنرى ضوءَ الشمسِ يبدأ في الانتشار على ملامحه.. وفى كافة الأرجاء..
فجأة يُغمِض عينيه ويفتحهما.. لنرى عينيه تتسعان أكثر وأكثر! ملامحُ من الفزع!! نجد أنفسَنا نسرِعُ معه إلى ما لا نعرفه! فالمكان مظلمٌ جدًّا.. حالكٌ.. نسرع أكثرَ وأكثرَ.. نستطيع الشعورَ بالهواء يدفعنا إلى الخلف! لكن السرعةَ إلى الأمام أقوى!!
نرى الاسم.. الغرفة (116)!
أحيانًا كثيرة لا أدرى كيف أعبِّرُ عن نفسي!
أحيانًا أكثر لا أدري من أنا!!
ربما غرفتى..
غرفتي ليست بالكبيرة الواسعة.. غرفتي ليست بالشَّكل التقليدي الذي تتخيله.. غرفتي أربعةُ حوائطَ في المقابل حائطٌ به نافذةٌ تطلُّ على "الصالون".. بجانب النافذةِ البابُ.. تستطيع أن ترى كمَّ الملابس المعَلَّقة على تلك الرافعةِ خلفَ الباب.. فوضى! إذا كنتَ تريدُ تسميتَها!!
الحائطُ الأيسرُ لا تجد عليه أشياءَ مميزةً.. فقط بعضُ الصورِ لأشخاصٍ لا نعرفُهم!! مجردُ صُورٍ! صور حائط..
الحائطُ الأيمنُ مثلُه! لا داعي لذِكره!!
الحائطُ الأخيرُ به نافذةٌ أخرى تطلُّ على الشارعِ..
أحيانًا كثيرة أستطيع أن أرى نفسي.. بدون مرآة!!
أحيانًا كثيرة أتصور نفسي وأراها..
عندما أستيقظ من النومِ أستطيع أن أرى نظرة عيني.. نظرةً غاضبةً مشوَّشةً متحيِّرةً!! عيني أغلقُها مرةً أخرى لكي لا أرى هذا اليومَ الجديدَ الذي لا يجلبُ لي سوى التعاسةِ والكآبة!!
أفتحهما مرةً أخرى لأرى ظلامًا تخلِّفه تلك الستائرُ من خلفِ سريري..
لا أتحركُ من مكاني.. لا أدري ماذا سيدفعني إلى النهوضِ من الفراشِ.. أحيانًا كثيرة أتمنى أن أكون مريضًا! وأدعو مرارًا لكي لا أستيقظَ مرةً أخرى!!
أنظر إلى يساري لأرى تلك الرسوماتِ التي قمتُ بصنعها على الحائط لشخصياتٍ كرتونيةٍ.. علاءُ الدينِ وسمكةٌ صغيرةٌ.. بجانبهما آيةٌ قرآنيةٌ؛ سورةُ "الإخلاص"... أعزُّ سورِ القرآنِ إلى قلبي.. تستطيع أن تشعرَ بعظمةِ الخالق في تلك الآيات والأحرف الجذَّابة بجمال معناها.. ربما كنت منافقًا عندما قلت هذا! الكثيرُ يلقبونني بالفسق والفجور وأنني لا أعرفُ اللهَ!! أمي.. أخي.. أصدقائي.. كثيرون.. لدرجة أنهم يسمونني "الشيطان"!! بالفعل أشعرُ بذلك في أحيان كثيرة.. أني شيطانٌ! خُلقت لكي أفعل أشياء لا يحقُّ لي أن أفعلَها!!
أتقلَّبُ في سريري يمينًا ويسارًا لدرجة الجنون! صداعٌ مزمنٌ لا أعرف ما السبب؟! فقط دورانٌ هنا وهناك.. ربما كان عدمَ رغبتي في استقبالِ يومٍ آخر لكي يُحسب عليَّ!!
فورًا إلى الكمبيوتر.. بدون إفطار!
تستطيع أن تقول: إن الكمبيوتر هو حياتي!! هو صديقي الذي لم أجدْه يومًا! وأعتقد أني لن أراه أبدًا!!
الكمبيوتر بالنسبة لي عالَم آخر.. كل ما أتمناه.. أُراسل وأكتب وأسمع موسيقى وأصنع أفلامي وأرسم.. وأحصل على معلومات أريدُها ليست مفروضةً عليَّ!!
الآن وقتُ الرقص.. الرقص بالنسبة لي ليس متعةً كما يعتقدُ البعضُ.. أقصد الكلُّ.. الرقصُ هو وسيلة أخرى للتعبير عن نفسي.. أضغطُ على الأزرار.. تخيُّلات.. إضاءات.. حمراء وصفراء وبيضاء.. تصفيقٌ أسمعه في أذني..
شخصيات محرَّرة تخرج من داخلي! أمتِّع الجمهور الذي لم يأت لرؤيتي إلا في خيالي!!
تستطيع أن تصنِّف حياتي إلى لا شيء.. فلن تستطيع..
حتى عندما أحاولُ.. لا أرى شيئًا مفيدًا قد فعلتُه!
فقط أفكرُ في شيئين.. الأمل والموت!!
الأمل: يقتلني.. لأنه دائمًا يأتيني في أحلك لحظات الفشل والصدمات.. ولا يدفعني سوى إلى المحاولة مرة أخرى..
الموت: هو خلاصي من تلك الحياة الدنيا!!
ربما تعتقدني مجنونًا.. كافرًا.. شيطانًا..
قُل ما تريدُ.. فلن أردَّ.. ليس لأني مسامِحٌ.. ولكن لأني تعوَّدت على تلك العبارات من أقرب الناس إليَّ! فما بالك إذا كانت من غريبٍ عني؟!!
الكثيرون لا يعترفون بي!
الكثيرون ينفرون مني!
الكثيرون لا يحترمونني!
في أي مكان أعرفه أو لا أعرفه!! كأنه مكتوبٌ عليَّ:
الكثيرون لا يساعدونني.. الكثيرون لا يحبونني!!
لقد تعلمتُ شيئًا واحدًا من تلك التجربةِ.. الصمت!!
فجأة نجدُ أنفسَنا نسمع صراخًا.. نسرع في ردهةٍ طويلةٍ.. أمامَنا نافذةٌ صغيرةٌ عليها أسلاكٌ حديديةٌ.. ندخل من النافذةِ لنرى الشابَّ يمسكُ به شخصان ممرضان.. ويحاول أن يقاومَ ويصرخَ في غضبٍ وليس خوفٍ.. يحاولون أن يعطوه حقنةً مهدِّئةً نراها في يدِ الممرِّض الثالث..
نصعد إلى أعلى في الغرفة البيضاء.. ونسمع الصراخَ.. ونرتفع أكثرَ لنرى اللونَ الأبيضَ يتحولُ إلى لونٍ قُرْمزيٍّ كسماءِ ألف ليلة وليلة!!
ربما كنت كما يقولون.. مريضًا..
نجد أنفسَنا نحلِّق أكثر وأكثر إلى أعلى.. كنَسْرٍ طائرٍ فوق بحارٍ وأشجارٍ..
ولكنهم لا يعلمون أنى نزيل الغرفة (116)!
فجأة نرى اليافطة المكتوب عليها الغرفة (116) تتبدل إلى يافطة مكتوبٍ عليها.. (مستشفى الأمراض العصبية والنفسية)!!
واقرأ أيضًا:
ما أسوأ، ما أقسى! / مَنْكوشَةَ الشَّعْرِ ! / تعالي..تعالي! / عِندَ السقوطْ !