فرِحةً.. جذِلةً.. تسيرُ في خُطًى تسبقُني رغمَ صِغَرِ حجمِها! رغمَ صغرِ سنِّها! أناديها لتتبينَ خُطاها ولا تتسرعَ؛ حتى لا تتعثرَ.. أناديها بصوتٍ يملؤُه الفخرُ بتلكَ الفتاةِ الصغيرةِ التي لمْ تتجاوزْ الرابعةَ مِن عُمْرِها، فهي أُولى بناتِي التحاقًا بالمدرسةِ.
- سنتأخرُ يا "مَامَا" على المدرسةِ.
- لا تقلقِي حبيبتِي.. سنصلُ قبلَ الموعدِ، أخذتُها بينَ ذراعيْ، خبأتُها بينَ ضُلوعِي كأنَّي أحميَها مِن وعْثاءِ طريقِها الطويــــــــــــــــلِ!
لنْ أُنكرَ فرحتي وخوفي معًا! ولا أخالها تجهلُ مشاعري الجارفةَ المتزاحمةَ، لكنْ لا بدَّ وأنْ أتمالكَ مشاعري.
ذهبْنا إلى مدرسةٍ تِلوَ الأُخرى.. حتى عددتُها بالعشراتِ.. فـ"مصرُ" عامرةٌ بالمدارسِ.. كما هيَ عامرةٌ بالـ"super market" والقهاوي!! أقصِد الـ"coffee shop!!"
أبحثُ في كلِّ مدرسةٍ دخلتُها عن رعايةٍ حقيقيةٍ بالطفُولةِ.. دونَ وعودٍ مزيَّفةٍ وكلماتِ جوفاءَ واهتمامٍ مُصطنعٍ.. وكأننا أخذنا عهدًا على أنفسِنا أنْ نفقدَ اهتمامَنا بكلِّ ما ندَّعي أننا نفعلُ!!
تحوَّلتِ الفرحةُ عندي وعندَ ابنتي إلى شجنٍ! وتحوَّل الفخرُ إلى خوفٍ رهيبٍ على ضياعِ وفقدانِ مَلَكاتِ بُرعمتِي الصغيرة!
وأخذتُ أفكِّر مليًّا: رُبَّما أَنْشُد المثاليةَ! ربَّما أعيشُ في البرجِ العاجيِّ! ربَّما.. ربَّما..
وحينَما راجعتُ نفسيَ وجدتُ أنَّني لمْ أطلبْ في مدرسةِ ابنتي سوى رعايةٍ حقيقيةٍ.. وليستْ مداهنةً ولا رياءً لمَن يملِكُ أجورَ العاملين بِها! ولا جرًّا لرِجل "زبون"!!
طلبتُ مؤسسةً تنمِّي مهاراتِ طفلتِي وتستثمرُ قُدُراتِها.. تواكبُ التقدمَ العلميَّ.. ترى فيها ذلكَ الآدميَّ الذي توارى خلفَ المادةِ والتكالبِ عليها.. تتنسمُ فيها نسماتِ الحُريةِ والعدلِ.. يحوطُ ذلك كلَّه سياجٌ من الأخلاقِ يحميها ويحمي عقلَها وتنالُ به مرضاةَ ربِّها..
فوجدتُني في النهايةِ لا أبحثُ عن مَدرسةٍ.. بل أبحث عن.. "وطن"!!!
واقرأ أيضاً:
الباشا ! / حوادث مصر المحروسة / ما بعد حرب لبنان / الأستاذة عزة تقول.... / الكلمة
- سنتأخرُ يا "مَامَا" على المدرسةِ.
- لا تقلقِي حبيبتِي.. سنصلُ قبلَ الموعدِ، أخذتُها بينَ ذراعيْ، خبأتُها بينَ ضُلوعِي كأنَّي أحميَها مِن وعْثاءِ طريقِها الطويــــــــــــــــلِ!
لنْ أُنكرَ فرحتي وخوفي معًا! ولا أخالها تجهلُ مشاعري الجارفةَ المتزاحمةَ، لكنْ لا بدَّ وأنْ أتمالكَ مشاعري.
ذهبْنا إلى مدرسةٍ تِلوَ الأُخرى.. حتى عددتُها بالعشراتِ.. فـ"مصرُ" عامرةٌ بالمدارسِ.. كما هيَ عامرةٌ بالـ"super market" والقهاوي!! أقصِد الـ"coffee shop!!"
أبحثُ في كلِّ مدرسةٍ دخلتُها عن رعايةٍ حقيقيةٍ بالطفُولةِ.. دونَ وعودٍ مزيَّفةٍ وكلماتِ جوفاءَ واهتمامٍ مُصطنعٍ.. وكأننا أخذنا عهدًا على أنفسِنا أنْ نفقدَ اهتمامَنا بكلِّ ما ندَّعي أننا نفعلُ!!
تحوَّلتِ الفرحةُ عندي وعندَ ابنتي إلى شجنٍ! وتحوَّل الفخرُ إلى خوفٍ رهيبٍ على ضياعِ وفقدانِ مَلَكاتِ بُرعمتِي الصغيرة!
وأخذتُ أفكِّر مليًّا: رُبَّما أَنْشُد المثاليةَ! ربَّما أعيشُ في البرجِ العاجيِّ! ربَّما.. ربَّما..
وحينَما راجعتُ نفسيَ وجدتُ أنَّني لمْ أطلبْ في مدرسةِ ابنتي سوى رعايةٍ حقيقيةٍ.. وليستْ مداهنةً ولا رياءً لمَن يملِكُ أجورَ العاملين بِها! ولا جرًّا لرِجل "زبون"!!
طلبتُ مؤسسةً تنمِّي مهاراتِ طفلتِي وتستثمرُ قُدُراتِها.. تواكبُ التقدمَ العلميَّ.. ترى فيها ذلكَ الآدميَّ الذي توارى خلفَ المادةِ والتكالبِ عليها.. تتنسمُ فيها نسماتِ الحُريةِ والعدلِ.. يحوطُ ذلك كلَّه سياجٌ من الأخلاقِ يحميها ويحمي عقلَها وتنالُ به مرضاةَ ربِّها..
فوجدتُني في النهايةِ لا أبحثُ عن مَدرسةٍ.. بل أبحث عن.. "وطن"!!!
واقرأ أيضاً:
الباشا ! / حوادث مصر المحروسة / ما بعد حرب لبنان / الأستاذة عزة تقول.... / الكلمة